غلاف العدد الثالث
اسباب الاهتمام العالمي لقارة اسيا
كنار سعيد سليمان
حظى قارة آسيا باهتمام عالمي متزايد حتى أنه أصبح من
الكلام المألوف القول إنها قارة المستقبل، وأن القرن الحادي والعشرين، هو قرن القارة الآسيوية
يمكن القول إن هناك عدة دلالات نوجزها في الآتي:
الدلالة الأولى: أن آسيا رغم عراقتها تاريخيا لم تستقر سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ومن ثم أطلق عليها البعض، على سبيل السخرية، القارة اللعوب.
الدلالة الثانية: أن آسيا من أقل القارات تفاعلاً فيما بينها، بل إن مراكز الحضارة الآسيوية التقليدية أصبحت الآن تتطلع إلى خارج تلك القارة، سواء كان ذلك في اليابان وانتماءاتها نحو أمريكا وأوربا، أو في الهند وتحولها إلى شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية .
وكذلك الدور التقليدي لباكستان في السياسة الغربية، أوفي الصين وعلاقاتها المتنامية اقتصادياً مع أوروبا والولايات المتحدة، أوفي دول الخليج وروابطها مع الولايات المتحدة وأوربا وهكذا. فالتفاعل والاتصال بين غربي آسيا وشرقي آسيا قليل والعلاقات بين جنوبي ووسط آسيا، وبين شرقها وغربها يسود الصراع القائم أو الكامن، وهكذا تتطلع دول آسيا في مجملها إلى خارج القارة.
الدلالة الثالثة: متصلة بالثانية وهي أن القوى العالمية في الماضي، مثل بريطانيا وفرنسا، ثم روسيا، وفي الحاضر مثل الولايات المتحدة سعت للسيطرة على آسيا، وما تزال تسعى للتأثير عليها وتوجيهها، وهذا واضح في نظرية الأحلاف مثل حلف بغداد أو السنتو، حلف جنوب شرقي آسيا "السياتو"، فضلاً عن القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة من اليابان شرقاً إلى الخليج غرباً، إلى آسيا الوسطى شمالاً والمحيط الهندي جنوباً. ومن ناحية أخرى طرحت القوى المنافسة ثلاث نظريات: نظرية الأمن الآسيوي التي طرحها الاتحاد السوفيتي في عهد بريجنيف ثم أعاد إحياءها يلتسين في ظل الاتحاد الروسي، ونظرية عدم الانحياز التي طرحت في الخمسينات وظلت حتى الثمانينات من القرن الماضي ثم ضعفت، ونظريات إسلامية متنوعة مثل تجمع دول الثمانية النامية، وهي مبادرة تركية شملت 6 دول آسيوية (تركيا - إيران - باكستان - بنغلادش - ماليزيا - إندونيسيا)، فضلاً عن نظريات أكثر تنوعاً مثل تجمعات أخرى عديدة، ولكن السمة الغالبة على تلك الطروحات أنها ضعيفة وعليها تحفظات من العديد من الدول، حتى في المناطق الإقليمية المستهدفة بها.
الدلالة الرابعة: أن آسيا قامت على أساس ما يطلق عليه مبدأ التوازن، لعبته قوى أربع هي اليابان والصين والهند والاتحاد السوفيتي، كقوى آسيوية فلا تستطيع أي منها تهديد كل القارة الآسيوية، ولذلك فإن كل منها تمثل رادعاً للأخرى بصورة من الصور. هذا التوازن العسكري له دلالاته الاقتصادية والثقافية فكل منها قدمت تجربة تنموية خاصة سياسياً واقتصادياً وحضارياً. وهذا التوازن ساعد في حماية الدول المتوسطة مثل كوريا أو ماليزيا أو الفليبين أو إندونيسيا أو باكستان، فكل من هذه القوى اعتمدت على قوة أكبر سواء داخل آسيا أو من خارجها حيث كانت القوة الرئيسية الخارجية هي الولايات المتحدة التي تفرض التوازن والتفاعل في كل منطقة فرعية من مناطق آسيا سواء شرقي آسيا أو وسط آسيا، أو جنوبي آسيا، أو غربي آسيا.
الدلالة الخامسة: بالنظر لعدم الاتفاق على عدو مشترك للقارة الآسيوية لوجود مبدأ التوازن في القارة فإنه ترتب على ذلك عدة أمور منها: وجود استعداد لدى الدول الآسيوية لاستخدام السلاح في فض منازعاتها (روسيا والصين، الصين وفيتنام - الصين والهند - الهند وباكستان)، ومنها استمرار الإنفاق العسكري الآسيوي على التسلح في التصاعد ويقدر بأنه يفوق الإنفاق الأوروبي، ويصل إلى ثلثي الإنفاق الأمريكي، ومنها عدم وجود مبدأ أمني واحد فهناك أربعة مبادئ أساسية: الاستناد للولايات المتحدة - الاستناد لروسيا - عدم الانحياز - بناء القوة الذاتية تقليدياً أو نووياً.
الدلالة السادسة: أن آسيا من المحتمل أن تكون هي مركز السياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين للاعتبارات التالية:
- أنها مركز الثروة النفطية التي يتصارع عليها العالم.
- انها سوق ضخمة كامنة تسعى اليها الشركات الكبرى .
- أنها مستودع للمشكلة السكانية في العالم بكل سلبياتها وإيجابياتها.
- أنها تحتوي على إمكانيات تكنولوجية ضخمة واعدة وصاعدة.
- أنها تمثل قلب العالم القديم بل والعالم الحديث أيضاً.
من هنا برز شعاران أحدهما أن القرن الحادي والعشرين هو قرن آسيا، والثاني أن القرن الحادي والعشرين هو قرن آسيا – المحيط الهادي.
الدلالة السابعة: أنه في معظم الحالات فإن غربي آسيا يتم إسقاطه من الحسبان سواء من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي، أو من حيث احتمالات لعبه دور على الساحة الدولية سياسياً أو اقتصادياً، أو من حيث التقدم العلمي والتكنولوجي، والمكانة الوحيدة لهذا الإقليم هي مكانة هامشية من حيث الفعالية، إنه مجرد مخزن للنفط والغاز، ومورد لرأس المال النابع من البترودولار ،التي يتردد أن التاريخ تخطاها وأسقطها من الحسبان، لإخفاقها في تحقيق تنمية الاقتصادية حقيقية، وعجز نظمها عن تحقيق طموحات شعوبها في اجراء تحولات ديمقراطية تواكب متغيرات العصر، وإخفاق شعوبها عن بناء تجارب ناجحة على غرار تجارب القارات الأخرى، وإفرازها قيادات متصارعة محدودة الأفق، لا تدرك طبيعة المتغيرات الدولية، وأبعادها الاستراتيجية، بل لا تعرف قدر نفسها وإمكانياتها، ولذا تبددت ثرواتها، ويذهب البعض للقول إن بعض شعوب وقيادات غربي آسيا في معظمها تنتمي إلى عصر قبل بناء الدولة الحديثة، وما قبل الثورة الصناعية ، فالتنافس القبلي يقوم على حروب الماء والكلأ وعلى إثبات الذات الفردية بطريقة بدائية وساذجة، بدلاً من بناء أطر ومؤسسات متكاملة ذات مدلولات سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، ولهذا فاقتصادياتها هشة، وأمنها الذاتي لا وجود له، وبنيانها السياسي غير متماسك، وفي وضع كهذا لا مجال للحديث عن دور أو مكان أو مكانة لأن ذلك يكون من قبيل خداع الذات.
Reasons for global interest in the continent of Asia
Canar Saeed Suleiman
The continent of Asia is receiving increasing global attention to the point that it has become one of the.
It is common to say that it is the continent of the future, and that the twenty-first century is the century of the Asian continent.
It can be said that there are several meanings that we can summarize as follows:
The first indication: Asia, despite its ancient history, has not been stable politically, economically, or socially, and hence some have called it, ironically, the playful continent.
The second indication: Asia is one of the continents that has the least interaction with each other. Indeed, the centers of traditional Asian civilization are now looking outside that continent, whether that is in Japan and its affiliations with America and Europe, or in India and its transformation into a strategic partner for the United States of America.
As well as the traditional role of Pakistan in Western politics, or China and its growing economic relations with Europe and the United States, or the Gulf states and their ties with the United States and Europe, and so on. There is little interaction and communication between West Asia and East Asia, and relations between South and Central Asia, and between East and West, existing or latent conflict prevails, and thus the countries of Asia as a whole look outside the continent.
The third meaning: connected to the second, which is that global powers in the past, such as Britain, France, then Russia, and in the present, such as the United States, sought to control Asia, and are still seeking to influence and direct it, and this is clear in the theory of alliances such as the Baghdad Pact or the Sento, the Southeastern Alliance. Asia (SEATO), in addition to the American military bases spread from Japan in the east to the Gulf in the west, to Central Asia in the north and the Indian Ocean in the south. On the other hand, the competing powers proposed three theories: the Asian security theory that was proposed by the Soviet Union during the Brezhnev era and then revived by Yeltsin under the Russian Federation, the non-alignment theory that was proposed in the fifties and remained until the eighties of the last century and then weakened, and various Islamic theories such as the grouping of countries. The Developing Eight, which is a Turkish initiative that included 6 Asian countries (Turkey - Iran - Pakistan - Bangladesh - Malaysia - Indonesia), as well as more diverse theories like many other groupings, but the dominant feature of these proposals is that they are weak and have reservations from many countries, even In the targeted regional areas.
The fourth indication: Asia was established on the basis of what is called the principle of balance, played by four powers: Japan, China, India, and the Soviet Union. As Asian powers, none of them can threaten the entire Asian continent, and therefore each of them represents a deterrent to the other in some way. This military balance has economic and cultural implications, each of which provided a special development experience politically, economically and culturally. This balance helped protect medium-sized countries such as Korea, Malaysia, the Philippines, Indonesia, or Pakistan. Each of these powers relied on a greater power, whether inside or outside Asia, where the main external power was the United States, which imposed balance and interaction in each sub-region. Asia, whether East Asia, Central Asia, South Asia, or West Asia.
Fifth indication: Given the lack of agreement on a common enemy for the Asian continent due to the existence of the principle of balance on the continent, this resulted in several things, including: the presence of a willingness among Asian countries to use weapons in resolving their disputes (Russia and China, China and Vietnam - China and India - India and Pakistan), including the continuation of Asian military spending on armaments is on the rise and is estimated to exceed European spending and reach two-thirds of American spending, including the absence of a single security principle. There are four basic principles: reliance on the United States - reliance on Russia - non-alignment - building self-power, conventional or nuclear.
Sixth indication: Asia is likely to be the center of international politics in the twenty-first century due to the following considerations:
- It is the center of oil wealth that the world is fighting over.
- It is a huge potential market that major companies are seeking.
- It is a repository of the world's population problem with all its positives and negatives.
- It contains huge, promising and emerging technological capabilities.
- It represents the heart of the ancient world and even the modern world as well.
From here, two slogans emerged, one of which is that the twenty-first century is the century of Asia, and the second is that the twenty-first century is the century of Asia-Pacific.
The seventh indication: In most cases, Western Asia is dropped from consideration, whether in terms of political and economic stability, or in terms of its potential to play a role on the international scene politically or economically, or in terms of scientific and technological progress, and the only status of this region is a marginal position in terms of Effectiveness, it is merely a storehouse of oil and gas, and a supplier of capital stemming from the petrodollar, which history has reportedly overlooked and dropped from consideration, due to its failure to achieve real economic development, the inability of its systems to achieve the aspirations of its people to carry out democratic transformations that keep pace with the changes of the era, and the failure of its people to build experiences. Successful, similar to the experiences of other continents, and its production of conflicting, narrow-minded leaders who do not realize the nature of international changes and their strategic dimensions. Rather, they do not know their own worth and capabilities, and therefore their wealth has been squandered, and some say that some of the peoples and leaders of Western Asia, for the most part, belong to an era before the state was built. In modern times, and before the industrial revolution, tribal competition is based on water and pasture wars and on asserting the individual self in a primitive and naive way, instead of building integrated frameworks and institutions with political, economic, military and social implications. Therefore, its economies are fragile, its self-security is non-existent, and its political structure is incoherent. In a situation like this, there is no room to talk about a role, place, or position, because that would be a form of self-deception.
اشتراط أتصاف بعض المرشحين في انتخابات مجلس النواب بصفة معينة في مصر دستور ٢٠١٤
علي عبيد ثوني الكعبي
يشترط ترشيح من يتصفون بصفة معينة على نظام القوائم في أول انتخابات لمجلس النواب من خلال تحديد صفات المرشحين واعدادهم من حيث الصفة الانتخابية التي يرشح الشخص نفسه عليها، ولكي ينضوي إنسان تحت صفة معينة يجب أن تتحقق فيه شرائط معينة.
ان إيراد حق تمثيل ذوي الصفات بصورة صريحة في صلب دستور 2014 يدلل تماماً على مدى الأهمية التي يوليها الصائغ الدستوري المصري في جميع فئات ومكونات الشعب المصري الذين ينتخبون للعمل تحت قبة البرلمان كما يمنع المشرع العادي عند تنظيمه لتلك الحقوق من تقييدها أو الانتقاص منها أو إهدارها، فضلاً عن ان النص على تلك الحقوق بتلك المساحة من التمثيل الواسع في صلب الدستور توسمه بالريادة والتميز على الدساتير المقارنة وتحسب لصناعه.
وعلى الرغم من ايراد المشرع تفاصيل ترشيح الفئات والمكونات في القوانين اللاحقة، الا اننا وللأسباب المتقدمة نبحث أحكام ترشيح هذه الفئات والمكونات في الشروط الدستورية، ولقد اشترط الدستور المصري لعام (2014) وجوب ترشيح بعض الفئات بنسبة معينة وفق مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين لتمثيلهم في مجلس النواب المصري، إذ نصت المادة (244) منه على أن " تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الاعاقة والمصريين المقيميين في الخارج، تمتيلاً ملائماً في أول مجلس النواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذي يحدده القانون".
ولا يقتصر وجوب إنصاف المرشح بصفة معينة على الترشيح فقط، بل تعد أيضاً شرطاً لاستمرار العضوية في مجلس النواب، ليظل العضو محتفظاً بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، لذا فإن فقدان هذه الصفة أو تغيير انتمائه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزيباً تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية تلتي أعضاء المجلس، كما تسقط عضوية المرأة إذا غيرت انتمائها الحزبي أو المستقل الذي انتخبت على أساسه. وفي ضوء ما تقدم، ولغرض الاحاطة بالموضوع، نتناول ذوي الصفات تباعاً. وكالاتي :
اولاً: تمثيل العمال والفلاحين
من استقراء المادة (243) من الدستور المصري نجد ان المشرع الدستوري تراجع عما كان منصوصاً عليه في دستور عام 1971 الملغى وتحديداً المادة (87) منه التي اشترط فيها أن لا يقل عدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين عن (350) عضواً، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويأتي تراجعه عن حجز هذه النسبة للعمال والفلاحين للأسباب العديدة التي ساقها الفقه الدستوري.
وبعبارة أخرى فإن الدستور النافذ قلص نسبة العمال والفلاحين من نصف البرلمان إلى (16) مقعداً فقط كحد أدنى، ضمن تمييز نسبي ايجابي احتواه الدستور لفئات الشباب والمرأة والعمال والفلاحون والأقباط وذوو العاهات الخاصة والمصريون في الخارج.
والجدير بالذكر ان المرشحين في مصر يتنافسون على (420) مقعداً بالانتخاب الفردي، بينما هناك (120) مقعداً خصصت لأربع دوائر للقوائم على مستوى الجمهورية (11)، وفق قانون تقسيم الدوائر الانتخابية رقم (202) في 2014 ، وقد حددت المادة (5) من قانون مجلس النواب، قائمتين مخصص لكل منهما مقعداً، ويشترط القانون أن يكون في كل قائمة منهما اتنين من العمال والفلاحين كحد أدنى، وقائمتين مخصص لكل منهما (45) مقعداً، كما يشترط القانون أن يكون في كل قائمة منهما ستة مرشحين من العمال والفلاحين، ويجب ان تتوافر الاعداد والصفات ذاتها من المرشحين الاحتياطيين في القائمة، ولا تقبل القائمة غير المستوفية للفئات المذكورة، نخلص من ذلك ان القانون يوجب تواجد ما لا يقل عن (16) نائباً من العمال والفلاحين في مجلس النواب المصري، وينطبق الحكم فيمن يفوز من العمال والفلاحين عند ترشيحهم وفق النظام الفردي، فضلاً عن ذلك من يعينهم رئيس الجمهورية من فئة العمال والفلاحين وفق صلاحياته الدستورية المنصوص عليها في المادة (102) من الدستور.
كى يندرج الشخص انتخابياً من حيث الصفة كعامل أو فلاح، ينبغي ابتداء تعريف الفلاح والعامل، فيعرف الفلاح بانه من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيس لمدة عشر سنوات على الأقل، سابقة على ترشحه لعضوية مجلس النواب ويكون مقيماً في الريف، ويشرط ألا تتجاوز حيازته الزراعية هو وزوجه وأولاده القصر ملكاً أو إيجاراً أكثر من عشرة أفدنة" فاذا لم تتوافر هذه الشروط التي استلزمها المشرع فلا ينطبق عليه وصف الفلاح، ولا يجوز ان يرشح نفسه، على أساس انه فلاح . ويتوجب على الراغب بالترشيح من الفلاحين أن يقدم الى اللجنة العليا ل لعبهلانتخابات مع ا المطلوبة للترشيح إقراراً بكونه فلاحاً مصحوباً بما يؤيد هذه الصفة من مستندات تدل على أن الزراعة عمله المستندات الوحيد ومصدر رزقه الرئيس لمدة (10) سنوات سابقة على ترشحه لعضوية مجلس النواب، وانه مقيماً في الريف، ولا تتجاوز حيازته الزراعية هو وزوجه وأولاده القصر ملكاً أو إيجاراً أكثر من عشرة أفدنة (15) أما فيما يتعلق بالعامل فهو " من يعتمد بصفة رئيسة على دخله بسبب عمله اليدوي، ولا يكون منضماً إلى نقابة مهنية أو مقيداً في السجل التجاري أو من حملة المؤهلات العليا، ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العليا، وكذلك من بدأ حياته عاملا وحصل على مؤهل عال، وفي الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملاً أن يكون مقيداً في نقابة عمالية" .
فيتضح من النص انه يتوجب على من يرغب بالترشيح بصفته فلاح أن يقدم إقراراً بذلك مصحوباً بما يؤيد هذه الصفة من مستندات تدل على أنه يعتمد بصفة رئيسية على دخله بسبب عمله اليدوي، وليس منضماً إلى نقابة مهنية أو مقيداً في السجل التجاري أو من حملة المؤهلات العليا، ويستثنى من ذلك أعضاء النقابات المهنية من غير حملة المؤهلات العليا، وكذلك من بدأ حياته عاملاً وحصل على مؤهل عال، وفي الحالتين يجب لاعتبار الشخص عاملاً أن يكون مقيداً في نقابة عمالية .
ثانيا: تمثيل النساء
ان تحقيق الديمقراطية كنظام يقتضي المساواة بين المرأة والرجل في إدارة شؤون الحكم وعلى نحو متكامل، إذ انه دون اشتراك المرأة اشتراكاً نشطاً فيه وإدخال رؤاها في كل مستويات الإدارة فيه لا يمكن القول بتحقيق الديمقراطية (19)، لأن جوهر الديمقراطية هي المساواة بين جميع المواطنين من دون تمييز بين الرجل والمرأة لا في الحقوق ولا في الواجبات وان اختلفت في الدرجة أو الشكل أو الموضوع، على أساس ان الديمقراطية مبدأ فردياً قائماً على حق الإنسان باعتباره أنساناً . ا مجرداً بصرف النظر عن جنسه، وممارسة المرأة حقها في الترشيح استناداً الى مبدأ المساواة والتكافؤ من خلال نظام الحصة البرلمانية، وما هو إلا نتيجة طبيعية للديمقراطية.
ومن استقراء التشريع المصري نجد انه لم يكن حجز حصة للنساء بعيداً عنه، إذ حصلت المرأة في مصر على حقها في التمثيل السياسي تحت قبة البرلمان عام 1956 ، وقد شهد النظام الانتخابي منذ ذلك الحين انتقالاً من نظام الانتخاب الفردي إلى نظام القائمة، تم عودة للأول (أي الفردي)، تم الثاني والأول معاً (في أول برلمان بعد الثورة والذي تم حله، وخلال هذه الفترات جميعها تراوحت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان ما بين (1% و 2.8%) ، فيما عدا الفترة التي صدر فيها تعديل عام (1979) للقانون رقم (38) لسنة (1972)، حيث تم الأخذ بتخصيص (30) مقعداً للمرأة، وهو ما رفع تمثيلها الى (9%)، ثم انخفضت هذه النسبة إلى (8.25%) في الفترة التالية، وبانتهاء هذه الفترة الاستثنائية - التي أخذت بنظام الكوتا- اتجه تمثيل المرأة للانخفاض مرة أخرى حتى مع استخدام رئيس الجمهورية لحقه في تعيين (10) أعضاء في مجلس الشعب، والذي تضمن بشكل رئيس تعيين نساء وأقباط، ولكن ظلت نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشعب – باستثناء فترات التخصيص - تتراوح بين أقل من (3% و 1,8%) فقط .
ولقد اهتم المشرع الدستوري بوضع المرأة ، في الحياة السياسية بصفة عامة ، والانتخابية بصفة خاصة، إذ نصت المادة (11) من الدستور على أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمتيلاً مناسباً في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون..." نرى ان المشرع الدستوري هدف الى منح المرأة حقوقها وتضمينها في النص الدستوري الذي يعني عدم امكانية الانتقاص منها بكافة التشريعات اللاحقة ، لأنها ستكون عرضة للطعن فيها بعدم الدستورية.
كما نص المشرع الدستوري في المادة (53) من الدستور على ان المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر...". وإعمالاً لهذه النصوص الدستورية أوجب المشرع أن تكون حصة النساء في نظام القوائم الاربع، فيجب أن تكون هناك (7) نساء كحد أدنى في القائمة الصغيرة التي تتكون من (15) مرشحاً، وبالنسبة للقائمة الكبيرة التي تتضمن (45) مقعداً ، يشترط ان تكون فيها احدى وعشرين من النساء، ويجب ان يتوافر العدد عينه من المرشحات الاحتياط، ولا تقبل القائمة غير المستوفية لذلك، ومعنى ذلك ان البرلمان المصري يتضمن (56) نائب من النساء كحد أدنى من مرشحي أربع قوائم (قائمتين صغيرتين وقائمتين كبيرتين) خُصص لها (120) مقعداً ، فضلاً عن الترشيح وفق النظام الفردي المخصص له (448) مقعدا ، كما ان لرئيس الجمهورية وفق صلاحياته الدستورية تعيين (28) نائبا في مجلس النواب، قد يكون بينهم عدد من النساء .
كما يلاحظ أنه نتيجة للتمييز الدستوري الممنوح للمرأة المصرية في المادة (11) من الدستور، فقد شهدت كل محافظات مصر ترشحاً للمرأة المصرية، فترشح على النظام الفردي (279) امرأة، فازت منهن (19) نائبة، وترشح على نظام القوائم (207) امرأة، فازت منهن (56) نائبة، وأصبح : عدد النائبات الفائزات في المنافسة الانتخابية (75) نائبة من (568) هم عدد الأعضاء المنتخبين أي بنسبة (13.2٪)، وهذه نسبة قياسية مقارنة بالنسب من قبل، وعين رئيس الجمهورية (14) نائبة، فصار عدد النائبات (89) نائبة من (596) عدد أعضاء مجلس النواب جميعا أي بنسبة (14,93) ، وزاد تمثيل المرأة في البرلمان المصري إلى رقم غير مسبوق.
ولذلك احتلت مصر المركز (99) من بين (144) دولة من حيث مشاركة المرأة في البرلمان، وفق تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام (2016) ، ويرجع ذلك إلى انه لأول مرة توجد (89) نائبة ويعتبر هذا العدد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العمل البرلماني المصري، إذ لم تكن تتخطى نسبة التمثيل النسائي (1.5 أو 2 %) باستثناء الفترات التي طبق فيها الكوتا ( 1979،1984، 2010)(26) .
وعلى الرغم من ازدياد عدد المرشحات الفائزات بالانتخاب الفردي أو عن طريق كونا القوائم، الا ان هناك ما يشير الى تراجع نسب ترشح النساء في السباق البرلماني (2015)، ويعود ذلك إلى أن الأحزاب السياسية لم يتغير أدائها، وأن تمثيل المرأة بها جاء امتثالاً للقانون وليس في سياق دعم وتمكين النساء من المشاركة السياسية وصنع القرار، بالإضافة الى عدم وجود ضمانات كافية في ظل حالة عدم القبول المجتمعي الذي تواجهه النساء المرشحات، فضلاً عن عدم قدرة التيارات السياسية على استيعاب الكوادر النسائية ودعمها إذ لاتزال الأحزاب والتيارات السياسية تعد ترشيح النساء رهاناً خاسراً. وللإحاطة بوضع المرأة المصرية في البرلمان المصري نضع جدولاً يبين حال المشاركة السياسية لها منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى عام (2010))
ويلاحظ أن أضمن طريقة لتحقيق زيادة في عدد النساء في البرلمانات الوطنية، هي تبني نظام الكوتاء الا إن البعض يطرح مع ذلك رأياً معارضاً لها، باعتبار انها تخلق نوعاً من (الفيتو) النسائي، ويعترض آخرون بان الكوتا تؤدي الى تمثيل بالوكالة، فقد تخوض بعض النساء الانتخابات مستفيدة من نظام الكوتا كواجهات لأزواجهن أو لمصالح الذكور الآخرين، الا انه رغم ذلك فانها اصبحت مطلباً شعبياً ونسوياً، ليس فقط لأن النساء قد نظمن أنفسهن للضغط في هذا الاتجاه، بل لأن رجالاً قد أصبحوا أكثر اقتناعاً بأن الكوتا تحقق أغراضاً سياسية مفيدة في بيئة ديمقراطية، كونها تشجع الاتجاهات الداعية الى تمثيل أكثر عدلاً للفئات الاجتماعية المتعددة، وهو الأمر الذي يمكن أن يقوي أسس الديمقراطيات المنفتحة والايجابية ويجعلها أكثر دواماً .
ثالثا: تمثيل المسيحيين
نصت المادة (4) من دستور جمهورية مصر على ان "السيادة للشعب وحده ، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات ، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مباديء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين في "الدستور" وكررت المادة (9) من الدستور مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين التي تنص على ان "تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز".
كما نصت المادة (53) من الدستور الى ان المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر...". يتضح مما تقدم ان المبادئ التي تضمنها الدستور المصري تشكل أساساً لمساواة جميع مكونات الشعب المصري بما يعزز الوحدة الوطنية، لذلك فإن الهدف تحويل بنية الدولة إلى دولة دستورية لجميع مواطنيها بلااستثناء ولا تمييز على أي أساس كان، لذا فقد وجه الدستور بأن تعمل الدولة على تمثيل المسيحيين تمثيلاً ملائماً في مجلس النواب. كما نصت المادة (244) على أن تعمل الدولة على تمثيل المسيحيين .. تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور...". ويتضح أن تمثيل المسيحيين قد تبلور في نظام القوائم الأربع، فالقائمة الصغيرة التي عدد مرشحيها (10) مرشحاً، يشترط ان يكون بينهم ثلاثة مرشحين من المسيحيين، مما يعني ترشح ستة مرشحين مسيحيين في القائمتين الصغيرتين، كما يترشح في كل قائمة كبيرة (45) مرشحاً، يلزم أن يكون بينهم تسعة مرشحين من المسيحيين، ومعنى ذلك وجود (18) مرشحاً من المسيحيين في القائمتين الكبيرتين، والنتيجة هي أن يترشح الى مجلس النواب المصري (24) مرشحاً من المسيحيين كحد أدنى من مرشحي أربع دوائر لنظام القوائم الصغيرة والكبيرة جميعاً والمخصص لها (120) مقعداً، فضلاً عن عدم اقتصار ترشيح المسيحيين على نظام القوائم فقط، بل بإمكانهم الترشيح عن طريق النظام الفردي المخصص له (448) مقعداً، وكذلك من يعينهم رئيس الجمهورية كأعضاء في مجلس النواب عن طريق صلاحياته المنصوص عليها وفق الدستور، وذلك من أجل اضفاء التمثيل الواسع لمكونات الشعب المصري على اختلاف انواعها في البرلمان. نخلص مما تقدم الى ان المشرع قد خص الطائفة المسيحية بنسبة (5/1) من المقاعد المخصصة للقوائم، بالإضافة الى حقهم في الترشح الفردي، وشمولهم بالتعيين كأعضاء في مجلس النواب المصري وفق الصلاحيات الدستورية التي منحت لرئيس الجمهورية. ولذلك قرر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر استحدات آلية جديدة يأتي بواسطتها بالمسيحيين إلى البرلمان، وهي إضافة المادة (87) الى دستور 1953، تسمح لرئيس الجمهورية بتعيين (10) أعضاء، وقد تضاعفت النسبة في الدستور الحالي لتصبح مالا يزيد عن (5%) من عدد اعضاء مجلس النواب البالغ عددهم (568) مما يعني إن لرئيس الجمهورية الحق بتعيين (28) نائباً في المجلس، وكما يلاحظ أن التعيين دائماً ما يستخدم كالية لرفع نسبة المسيحيين والمرأة واصحاب الشهادات العليا في ذات الوقت (34)، وان الفترة بعد ثورة يوليو 1952 شهدت الساحة السياسية شبه عزوف من المسيحيين عن المشاركة السياسية، وأسباب التراجع نتيجة الإصدار قادة ثورة 1952 بعض القوانين والقرارات الجائرة التي أضرت بالمسيحيين، وفي مقدمتها تأميم مصانع وشركات القطاع الخاص وتأميم أراضي كبار الملاك والباشوات، كما أممت حكومة ما بعد يوليو 1952 أراضي أوقاف الكنيسة لصالح الإصلاح الزراعي، مما أدى لخسائر فادحة للمسيحيين المصريين.
رابعا: تمثيل الشباب
تولى الدول أهمية خاصة بقضية المشاركة السياسية للشباب باعتبارهم قادة المستقبل، إذ يتمتعون بقدرات ومهارات لا تتوفر إلا في جيل الشباب، وتعول الدول كثيراً على الشباب في عمليات التحول 2017/7/23 المجتمعي والقيمي والارتقاء بحياة الإنسان والدول ، كما تعد المشاركة السياسية للشباب من أهم المواضيع في الدول، لما لهذه المشاركة من دور في بناء مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فهم طاقة كبيرة يجب الاستفادة منها في استكمال أسس التنمية الشاملة في كافة الاتجاهات . ولهذا نصت المادة (82) من دستور مصر لعام 2014 على أن " تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء... وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة". فيما نصت المادة (244) على أن "تعمل الدولة على تمثيل الشباب .. تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور...". بالرجوع الى معنى أو تعريف الشاب نجد بانه من بلغت سنة خمس وعشرين سنة ميلادية في يوم فتح باب الترشح ولم يبلغ الخامسة والثلاثين سنة في التاريخ ذاته وإن تجاوز هذا السن طوال مدة عضويته. ويوجب المشرع أن تتضمن القائمة الصغيرة المتكونة من (15) مرشحاً على مرشحين اتنين من الشباب، أما بالنسبة للقائمة الكبيرة التي تتكون من (45) مرشحاً، فيجب ان تتضمن ستة مرشحين من الشباب، وبما ان العدد المقاعد المخصصة لمرشحي القوائم (120) مقعداً، وعدد دوائر القوائم بأربعة، اثنتان منها قوائم صغيرة، واثنتان قوائم كبيرة، لذا يجب ان يترشح لعضوية مجلس النواب عن هذه القوائم الأربع (16) مرشحاً من الشباب كحد أدنى ، يضاف الى ذلك المرشحين الشباب ممن يحالفهم الحظ في الفوز وفق النظام الفردي المخصص له (448) مقعداً ، ومن يخصهم رئيس الجمهورية بالتعيين في المجلس من فئة الشباب وفقاً لصلاحياته الدستورية.
ويتطلب أن يرفق من يرغب بالترشيح ما يؤيد انه من فئة الشباب فيقدم مع طلب الترشيح صورة بطاقة الرقم القومي أو أصل شهادة ميلاد مميكنة، لإثبات بلوغه سن الـ (25) سنة ميلادية في يوم فتح باب الترشح، وأنه لم يبلغ الخامسة والثلاثون سنة في التاريخ ذاته، وإن تجاوز هذا السن فيما بعد طوال مدة عضويته.
وللتدليل على أهمية تمتيل الشباب في مجلس النواب الحالي، فقد قدم مستشار رئيس مجلس الوزراء للانتخابات المصري تحليلاً إحصائياً لنتائج الانتخابات البرلمانية (2015) للرد على ادعاءات البعض بضعف تمثيل الشباب داخل البرلمان المصري الجديد، فبين ان تمثيل الشباب في البرلمان كان بنسبة غير مسبوقة في تاريخ مصر، إذ ان هناك (60) نائباً منتخباً تحت سن الـ(35) سنة، و (125) نائباً تتراوح أعمارهم بين (36) إلى (45) عاماً، ليصبح إجمالي عدد الشباب تحت قبة البرلمان (185) نائباً، بنسبة (32.6%) من إجمالي عدد النواب لتقترب من (الثلث).
خامسا: تمثيل الاشخاص ذوي الإعاقة
تنص المادة (81) من دستور مصر لعام 2014 على أن " تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة.... وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص". كما نصت المادة (244) على أن "تعمل الدولة على تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة .. تمتيلاً ملائماً في أول مجلس النواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور...". ويُعرف المواطن ذو الإعاقة بأنه " من يعاني من اعاقة لا تمنعه من القيام بمباشرة حقوقه المدنية والسياسية على نحو ما يحدده تقرير طبي يصدر وفق الشروط والضوابط التي تضعها اللجنة العليا للانتخابات بعد أخذ رأي المجلس القومي للأشخاص ذوي الاعاقة .
ويتم ترشيح المواطن ذو الاعاقة ضمن حصة وفق نظام القوائم، ففي القائمة الصغيرة التي عدد مرشحيها (15) مرشحاً، يشترط ان يكون بينهم مرشحاً واحداً من الاشخاص ذوي الاعاقة، مما يعني ترشح مرشحين من هذه الفئة في القائمتين الصغيرتين، ويلزم أن يترشح في كل قائمة كبيرة التي عدد مقاعدها (45) مقعداً، أن يكون بينهم ثلاثة مرشحين من الاشخاص ذوي الاعاقة ومعنى ذلك ترشح ستة مترشحين من هذه الفئة في القائمتين الكبيرتين، والنتيجة هو إن القانون قد وضع كونا للأشخاص ذوي الاعاقة، وهي أن يترشح الى مجلس النواب المصري (8) مرشحين منهم كحد أدنى من مرشحي أربع دوائر لنظام القوائم الصغيرة والكبيرة جميعاً والمخصص لها (120) مقعداً، فضلاً عن عدم اقتصار ترشيح الاشخاص ذوي الاعاقة على نظام القوائم فقط، بل بإمكانهم الترشيح عن طريق النظام الفردي المخصص له (448) مقعداً، إضافة الى ما يشملهم من تعيين رئيس الجمهورية كأعضاء في مجلس النواب طبقاً لصلاحياته المنصوص عليها وفق الدستور والتي تبيح له تعيين (28) نائباً.
ويتطلب أن يقدم من يرغب بالترشيح على انه من ذوي الإعاقة مع طلب الترشيح تقريراً طبياً صادراً عن الإدارة العامة للمجالس الطبية بوزارة الصحة يتضمن ما يفيد أن إعاقته لا تمنعه من القيام بمباشرة حقوقه المدنية والسياسية (43).
ويرى الباحث بان المشرع المصري قد أجاد بمنحه كوتا الى الأشخاص ذوي الإعاقة لتمثيلهم في البرلمان المصري الحالي والذي مثل نقلة نوعية فلأول مرة يشاركون في الحياة السياسية بصورة واضحة وصريحة، ويتم تمثيلهم بأكثر من (8) مقاعد في مجلس النواب المصري (2015)، ويشكل ذلك حدثاً تاريخياً للأشخاص ذوى الإعاقة كونهم شريحة كبيرة قادرة على العطاء وخدمة بلدهم.
سادسا: تمثيل المصري المقيم في الخارج
نصت المادة (88) من دستور مصر لعام 2014 على أن " تلتزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم في تنمية الوطن..".
كما نصت المادة (244) منه على أن تعمل الدولة على تمثيل المصريين المقيمين في الخارج .. تمثيلاً ملائماً في أول مجلس النواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور ..". ويتضح من النصوص أعلاه بان المشرع الدستوري قد ألزم الدولة المصرية بكفالة حقوق المصريين المقيمين في الخارج بالنص على ذلك في صلب وتيقة الدستور خوفاً من عدم الالتفات اليهم وإهدار حقوقهم، ومن هذه الحقوق حق الترشيح لعضوية مجلس النواب، كما وجه بتنظيم مشاركتهم في الانتخابات في جميع صورها انتخاباً واستفتاء وترشحاً.
ويعرّف المواطن المصري المقيم في الخارج بأنه " من جعل إقامته العادية خارج جمهورية مصر العربية بصفة دائمة بأن حصل على إذن بالإقامة الدائمة في دولة أجنبية أو أقام بالخارج مدة لا تقل عن عشر سنوات سابقة على تاريخ فتح باب الترشح، ولا يعتبر مقيماً في الخارج في تطبيق أحكام هذا القانون الدارس أو المعار أو المنتدب في الخارج.
ويرشح المواطن المصري المقيم في الخارج ضمن حصة محددة في القوائم الأربع على مستوى الجمهورية، المخصص لها جميعاً (120) مقعداً، قائمتين صغيرتين مخصص لكل منهما (15) مقعداً، ويجب أن تتضمن كل قائمة انتخابية صغيرة مرشحاً واحداً من المصريين المقيمين في الخارج، وقائمتين كبيرتين مخصص لكل منهما (45) مقعداً من مقاعد مجلس النواب، ويجب أن تتضمن كل قائمة انتخابية كبيرة ثلاثة مرشحين من المصريين المقيمين في الخارج، ومعنى ذلك أن يكون عدد المرشحين من المصريين المقيمين في الخارج وفق كوتا القوائم (8) مرشحين، ولم يورد المشرع تلك الأعداد على سبيل الحصر، ولكنه أشار الى انها تمثل الحد الأدنى الذي يجب تضمينه القائمة باقترانه بعبارة على الأقل، يضاف لذلك العدد المحدد من يفوز بالعضوية النيابية من المصريين المقيمين في الخارج ضمن المرشحين وفق النظام الفردي المخصص له (448) مقعداً، إضافة الى من تتوفر فيهم شروط التعيين ويختارهم رئيس الجمهورية، كنواب في المجلس من المصريين المقيمين في الخارج، وفق الصلاحيات الدستورية الممنوحة له. ويتطلب أن يقدم من يرغب بالترشيح مايتبت انه مواطناً مصرياً مقيماً بالخارج مع طلب الترشيح إقراراً بذلك مصحوباً بما يؤيد هذه الصفة من مستندات تدل على أنه جعل إقامته العادية خارج مصر بصفة دائمة، بأن حصل على إذن بالإقامة الدائمة في دولة أجنبية أو أقام بالخارج مدة لا تقل عن (10) سنوات سابقة على تاريخ فتح باب الترشح، ولا يعتبر مقيماً في الخارج الدارس أو المعار أو المنتدب في الخارج.
ومن استقراء ما تقدم يتضح لقبول ترشيح المصري المقيم في الخارج الآتي :
1- ان يكون حاصلاً على الجنسية المصرية.
2- أن يقدم إقراراً يؤيد فيه إنه مصري مقيم في الخارج مصحوباً بما يتبت هذه الصفة من مستندات تدل على أنه جعل إقامته العادية خارج مصر بصفة دائمة.
3- أن يقدم ما يؤيد حصوله على إذن بالإقامة الدائمة في دولة أجنبية أو أقامته بالخارج مدة لا تقل عن (10) سنوات سابقة على تاريخ فتح باب الترشح.
4- أن لايكون مقيماً في الخارج لغرض الدارسة أو يكون معاراً أو منتدباً في الخارج.
كما نصت المادة (367) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري الصادرة بالقانون رقم (1) لسنة (2016) على انه " في الأحوال التي ينظم فيها القانون تمثيلا للمصريين في الخارج، يضع مكتب المجلس القواعد المنظمة لحضورهم وغيابهم ونظر اقتراحاتهم وكيفية التواصل معهم وغيرها، ويخطر المجلس بها فور وضعها، على ألا يقل أيام حضورهم عن يومي جلسات شهرياً، إلا إذا حصل على إجازة أو إذن من المجلس لأسباب تبرر ذلك".
للاجابة على هذا التساؤل فانه يتوجب العودة للطعن المقدم الى المحكمة الدستورية العليا المتضمن طعن المدعي في عدم دستورية المادتين (4) و (5) من قانون مجلس النواب النافذ فيما لم يتضمنه من تحديد دوائر انتخابية خارج مصر للمصريين المقيمين في الخارج وفقاً لأحكام الدستور في التمثيل المتكافئ للناخبين منهم، وقد ردته المحكمة الأسباب عديدة أهمها :
1- ان الدستور لم يلزم المشرع العادي بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية الا بمراعاة قيدين هما التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين، وتلك الضوابط الدستورية تنحصر في النطاق الجغرافي الجمهورية من مصر، ولا تمتد الى خارج ذلك النطاق.
2- ان إنشاء دوائر انتخابية للمصريين المقيمين في الخارج، يستتبع عدم احتساب اعدادهم ضمن عدد السكان أو الناخبين داخل الجمهورية، لعدم جواز حسابهم مرتين، وفي ذلك تقطيع للوشائج والأواصر التي تربطهم بالوطن.
3- ان المشرع لم يلتزم بمعيار الاقامة سواء بالنسبة للداخل أو الخارج، فيحق لأي مصري الترشح في أي محافظة بالجمهورية دون اشتراط الإقامة فيها نزولاً على ما قررته المادة (10) من قانون مجلس النواب، وفي هذا تحقيق لمبدأ المساواة بين المصريين جميعاً، سواء المقيم منهم بالداخل أو بالخارج .
Requiring that some candidates in the House of Representatives elections have a certain capacity in Egypt’s 2014 Constitution
Ali Obaid Thoni Al Kaabi
It is required to nominate those who are characterized by a certain qualification according to the list system in the first elections for the House of Representatives by specifying the characteristics of the candidates and preparing them in terms of the electoral capacity for which the person nominates himself. In order for a person to fall under a certain capacity, certain conditions must be met.
The explicit inclusion of the right to representation of people with qualities in the heart of the 2014 Constitution fully demonstrates the extent of the importance that the Egyptian constitutional drafter attaches to all categories and components of the Egyptian people who are elected to serve under the dome of Parliament. It also prevents the ordinary legislator, when regulating these rights, from restricting, diminishing, or wasting them. In addition, the provision of these rights with such a wide representation in the body of the constitution marks it as pioneering and distinguished over comparative constitutions and is credited to its makers.
Although the legislator included the details of nominating categories and components in subsequent laws, for the above reasons, we are examining the provisions for nominating these categories and components in the constitutional conditions. The Egyptian Constitution of 2014 stipulated that some categories must be nominated in a certain percentage in accordance with the principle of equal opportunities for all citizens to be represented in the Council. Egyptian Representatives, as Article (244) stipulates that “the state shall endeavor to adequately represent young people, Christians, persons with disabilities, and Egyptians residing abroad in the first House of Representatives elected after the adoption of this Constitution, in the manner determined by law.”
The obligation to do justice to a candidate in a certain capacity is not limited to nomination only, but it is also a condition for continued membership in the House of Representatives, so that the member continues to retain the capacity on the basis of which he was elected. Therefore, losing this capacity or changing his party affiliation on which he was elected, or becoming independent, or becoming independent A party whose membership is revoked by a decision of the House of Representatives by a two-thirds majority of the members of the Council. A woman’s membership is also revoked if she changes her party or independent affiliation on the basis of which she was elected. In light of the above, and for the purpose of covering the subject, we will discuss those with attributes in turn. My agencies:
First: Representing workers and farmers
By extrapolating Article (243) of the Egyptian Constitution, we find that the constitutional legislator retracted what was stipulated in the abolished 1971 Constitution, specifically Article (87) thereof, which stipulated that the number of elected members of the People’s Assembly should not be less than (350) members, at least half of whom are from. Workers and peasants, and his withdrawal from reserving this percentage for workers and peasants comes for many reasons given by constitutional jurisprudence.
In other words, the effective constitution reduced the proportion of workers and farmers from half of Parliament to only (16) seats as a minimum, within the positive proportional discrimination included in the constitution for groups of youth, women, workers, farmers, Copts, people with special disabilities, and Egyptians abroad.
It is worth noting that candidates in Egypt are competing for (420) seats in individual elections, while there are (120) seats allocated to four constituencies for lists at the republic level (11), according to Electoral Districts Division Law No. (202) in 2014, and Article (5) was specified. From the law of the House of Representatives, there are two lists, each of which is allocated a seat. The law requires that each list have at least two workers and farmers, and two lists, each of which has 45 seats. The law also requires that each list has six candidates from workers and farmers. The same numbers and qualities must be present among the reserve candidates on the list, and a list that does not meet the aforementioned categories must not be accepted. We conclude from this that the law requires the presence of no less than (16) representatives from workers and farmers in the Egyptian House of Representatives, and the ruling applies to whoever wins from among the workers and farmers. When nominated according to the individual system, in addition to that, those appointed by the President of the Republic from the category of workers and farmers in accordance with his constitutional powers stipulated in Article (102) of the Constitution.
In order for a person to be included electorally in terms of his capacity as a worker or farmer, the definition of the farmer and the worker must begin, so the farmer is defined as someone whose only work and main source of livelihood is agriculture for at least ten years, prior to his candidacy for membership in the House of Representatives and who resides in the countryside, and it is a condition that his agricultural holding does not exceed He, his wife, and his minor children own or rent more than ten acres. If these conditions required by the legislator are not met, he does not meet the description of a farmer, and he may not nominate himself, on the basis that he is a farmer. The farmer who wishes to nominate must submit to the Supreme Committee for elections. Together with the documents required for nomination, an acknowledgment that he is a farmer accompanied by documents that support this status indicating that agriculture is his only work and his main source of livelihood for a period of (10) years prior to his candidacy for membership in the House of Representatives, and that he resides in the countryside, and his agricultural holdings do not exceed that of his, his wife, and his minor children’s property. Or rent of more than ten acres (15). As for the worker, he is “the one who mainly depends on his income due to his manual work, and is not affiliated with a professional union or registered in the commercial registry or holds higher qualifications. This excludes members of professional unions without Holders of higher qualifications, as well as those who started their life as a worker and obtained a high qualification. In both cases, in order for the person to be considered a worker, he must be registered in a labor union.”
It is clear from the text that whoever wishes to be nominated as a farmer must submit a declaration to that effect accompanied by documents supporting this status indicating that he relies mainly on his income due to his manual work, and is not affiliated with a professional union or registered in the commercial registry or holds higher qualifications. This excludes members of professional unions who do not hold higher qualifications, as well as those who started their life as a worker and obtained a high qualification. In both cases, in order for a person to be considered a worker, he must be registered in a labor union.
Second: Representation of women
Achieving democracy as a system requires equality between women and men in managing government affairs
المؤسسات السياسية الدستورية في العراق بعد عام 2003
السلطة القضائية إنموذجاً
The Constitutional political institutions in Iraq after 2003,
a model of the judiciary
أ.د.ليث عبد الحسن الزبيدي(*) الباحثة : هند أحمد عبد البهادلي(**)
الملخص
تناول البحث موضوع مهم هو السلطة القضائية دورها في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، مبيناً بشكل واضح ماهية السلطة القضائية في العراق بعد عام 2003. وما هي تكويناتها ووصفها حسب الدستور العراقي لعام 2005. وما هو دورها في الرقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية.
المقـدمـة
السلطة القضائية تمثل المؤسسة الدستورية الثالثة من المؤسسات المكونة للدولة فإنما يصدر عنها من قرارات وأحكام يدخل في إطار مخرجات النظام السياسي وتقوم هذه السلطة بتحقيق العدالة, وذلك بتفسير القانون، وأنها تتمتع بطبيعة خاصة وتخضع لإصول مختلفة في المراقبة والمحاسبة وأهم ما تتميز به هذه السلطة هو صفة الإستقلال وأن إستقلال السلطة القضائية يعد المعيار الأساسي أو التجسيد الفعلي لدولة القانون.
وإن الحاجة إلى القضاء كانت تاريخياً أصدق الحاجيات العامة, وكانت السلطة القضائية في شكلها الأول أسبق السلطات العامة إلى الظهور فظهرت في شكل تحتيم وتطبيق القواعد العرفية الأولى السابقة على معرفة القانون في وقت لم تكن فيه لرؤساء القبائل أيّ سلطة عامرة في زمن السلم إلى جانب ذلك نجد أن القضاء قد حافظ في الدول المختلفة وعلى الرغم من تعاقب الأدوار على أعضائه الخاصة به بما جعله سلطة مستقلة عن غيرها من السلطات.
إن إتجاه تحقيق العدالة وإحترام حقوق الإنسان يعد من أبرز الإتجاهات التي تسود العالم اليوم، وذلك لما يقوم به القضاء من دور بارز في إقامة العدالة وتطبيق نصوص القانون ونجاح القضاء في إداء الدور المنوط به لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لأن ضمان إستقلالها هو ما يحقق دولة المؤسسات.
شهد العراق بعد التغير الذي حصل في (9/4/2003) شهد العراق عقب التغير الذي حصل بعد 9 نيسان 2003 محاولة لبناء دولة ديمقراطية مدنية تقوم على أساس حكم المؤسسات القانونية وكان لابد أن تقوم هذه المحاولة على مجموعة أسس واسعة وقد حاول واضعوا الدستور العراقي لعام 2005 التعبير عنها عن طريق مبدأ الفصل بين السلطات والحقوق والحريات العامة.
الإشـكاليـة
تمثلت اشكالية البحث بأن السلطة القضائية تعد من احدى المؤسسات السياسية الدستورية التي يقوم عليها النظام السياسي العراقي, وتحاول الإشكالية الإجابة عن التساؤلات الآتية:
ماهية السلطة القضائية في العراق بعد عام 2003؟ وماهي تكويناتها ووضعها حسب الدستور العراقي الدائم لعام 2005؟ وماهو دورها في الرقابة على دستورية القوانين؟ وكذلك دورها في الرقابة على السلطتين التشريعية والتنفيذية.
الأهميـة
تنطلق أهمية البحث من طبيعة الموضوع المعالج الذي اختص بالحديث عن السلطة القضائية ودورها في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003.
الأهـداف
يهدف البحث إلى ما يأتي:
1- التعرف على مفهوم السلطة القضائية.
2- تشكيل السلطة القضائية في العراق بعد عام 2003.
3- صلاحيات السلطة القضائية في العراق بعد عام 2003.
الفرضيـة
تنطلق فرضية البحث في التعرف على دور السلطة القضائية في النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، هل أدت دورها حسب ما نص عليه الدستور العراقي الدائم لعام 2005، أم دورها طغى عليه العامل السياسي والمحاصصي، ومدى تمتعها بالإستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية حسب ما جاء في الدستور والذي نص على إستقلالية السلطة القضائية.
المنهجيـة
إعتمد البحث على المنهج المؤسساتي، فضلاً عن ذلك استخدم مدخل تحليل المضمون من أجل تحليل نصوص الدستور والقوانين التي تتعلق بآلية عمل وصلاحيات السلطة القضائية.
الهيكليـة
إحتوى البحث على مقدمة ومبحثان وخاتمة، تناول المبحث الأول الذي جاء بعنوان الإطار المفاهيمي، إذ ضم مطلبين هما: المطلب الأول تناول ماهية السلطة القضائية، والمطلب الثاني فقد تناول تشكيل السلطة القضائية في العراق، أما المبحث الثاني الذي جاء بعنوان صلاحيات السلطة القضائية في العراق بعد عام 2003.
المبحث الأول: الإطـــار المفـاهـيمــي
الدولة الحديثة تقوم على وجود السلطات الثلاث تمارس أدوار مختلفة بحسب ما ينص عليه الدستور من إختصاصات ومهام، وتمثل السلطة القضائية فرع الحكومة المسؤول عن التفسير الرسمي للقوانين وتعمل على الفصل بين المنازعات القائمة بين الأفراد فيما بينهم أم بين الأفراد وبعض أجهزة الدولة ومؤسساتها.
وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين هما:
المطلب الأول/ ماهية السلطة القضائية.
المطلب الثاني/ تشكيل السلطة القضائية في العراق.
الاستقلال الاداري والمالي للهيئات المستقلة
تتمتع الهيات المستقلة بالاستقلال ، ولعل هذا الاستقلال ليس مطلقا ؛ وإنما نسبيُ كما عبر عنه الفقيه الانكليزي Howard Machin، إذ يتعذر بموجب العقل والمنطق الإقرار بوجود هيآت سائبة في النظام القانوني للدولة ، وينبني على ذلك إن خضوع الهيآت المستقلة للرقابة البرلمانية والرقابة القضائية لا يمس بأي حال من الأحوال باستقلاليتها ؛ فالبرلمان بوصفه المعبر عن إرادة الشعب يراقب السلطة التنفيذية ، والهيآت المستقلة بوصفها سلطة إدارية لا تستثنى من هذا المبدأ ، كما تخضع للرقابة القضائية حالها في ذلك حال الأشخاص الأخرى تبعاً لمبدأ الولاية العامة للقضاء كما سنلاحظ ، لذا فان تقرير الرقابة البرلمانية والقضائية يعد أمراً مستقراً في النظم الدستورية الحديثة ؛ إذ يمثلان دعائم مبدأ المشروعية ودولة القانون ، يضاف إلى ذلك هذا الاستقلال يتفاوت من هيأة مستقلة إلى أخرى ، أي ان الهيآت المستقلة عموماً لا تتمتع بالدرجة نفسها من الاستقلال.
من ذلك إذا ما أردنا تحديد معنى الاستقلال بصورة دقيقة نقول إن الاستقلال إنما يكون في مواجهة السلطة التنفيذية . لكن إذا كان الأمر كذلك فما المقصود بهذا الاستقلال ؟
يراد بالاستقلال عدم خضوع الهيآت المستقلة للرقابة الرئاسية أو الوصائية ، كما لاتتلقى أوامر أو تعليمات من جهة أخرى ، فضلا عن ان السلطة التنفيذية لاتتمتع بحرية في عزل أعضائها ، وفي المقابل يقتضي القول ان الاستقلال لايعني انها تعمل بمعزل عن الأهداف الحكومية ؛ بل هي هيآت ساندة للحكومة.
ويذكر إن المحكمة الاتحادية العليا في العراق تعرضت لتحديد معنى الاستقلال الفني في رأيها الاستشاري بخصوص استفسار مجلس النواب – لجنة النزاهة عن معنى الاستقلال الوارد في المادة (102) من الدستور وجاء في الرأي: (...وضعت المحكمة الاتحادية العليا الاستفسار موضع التدقيق والمداولة وتوصلت إلى ان الاستقلال المقصود في المادة (102) من الدستور هو ان منتسبي الهيأة وكلا حسب اختصاصه مستقلون في أداء مهامهم المنصوص عليها في قانون الهيأة لا سلطان عليهم في أداء هذه المهام لغير القانون ، ولا يجوز لأي جهة التدخل أو التأثير على أداء الهيأة لمهامها الا ان الهيأة تخضع لرقابة مجلس النواب في أداء هذه المهام ، فإذا ما حادت عنها أو تجاوزتها فان مجلس النواب يملك لوحده محاسبتها ، ويتخذ الإجراء المناسب في ذلك بها ، ومعنى ذلك إن هذه الهيأة تدير نفسها بنفسها وفقا لقانونها شانها شان البنك المركزي الذي يتمتع بهذه الاستقلالية لتمكينه من أداء مهامه دون تدخل من إحدى الجهات)( )
المحافظة على الديمقراطية
أصبحت الدولة الحديثة تعرف بتعدد تنظيماتها الراسخة ذات النظم السليمة والقواعد الثابتة والإجراءات الدقيقة والممارسات القانونية قبل أن تعرف بأي صفات أخرى. في ظل هذه الدولة تعمل هذه التنظيمات على اختلاف أنواعها بواسطة أجهزة ولجان، نشارك في أنشطتها أعضاء أو ضباط تنفيذيين. هل نعرف - حينما نفعل ذلك - حقوق وواجبات العضوية؟ وهل نعرف – حينما نشارك في تنظيم ما – ما يجب علينا إنجازه قبل وأثناء وبعد كل اجتماع من اجتماعات هذه التنظيمات؟ وهل نعرف ضوابط الحوار التي علينا مراعاتها وآداب السلوك المهذب التي علينا التحلي بها؟ وهل نعرف الاختلافات الأساسية بين أنواع التنظيمات واللجان؟ وقد يجد أحدنا نفسه رئيساً لتنظيم أو للجنة أو لاجتماع، فهل نعرف ونحن نتصدى لهذه المهمة، شروط وأعباء القيادة ومهام المنصب؟ ثم هل يعرف كل منا أن الاجتماع في الغالب ما انعقد إلا ليتداول اقتراحات محددة ليصل فيها لقرار؟ وأن هناك قواعد وإجراءات على كل اجتماع إتباعها ليصل بها للأهداف التي انعقد من أجلها؟ وفي كل اجتماع نسمع العديد من المصطلحات مثل (النصاب) و(نقطة نظام) و(الأغلبية) و(اللجنة) و(المحضر) و(التقرير) وغيرها، تستعمل كل يوم، عرفها بعضنا وجهلها بعضنا الآخر، وبقيت باهتة المعنى مهزوزة الدلالة في أذهان الكثيرين. فهل نعرف على وجه الدقة معانيها ومدلولاتها؟
واجهتنا في العمل العام تساؤلات عديدة من هذا النوع واعترضتنا عدة معضلات إجرائية عالجناها بالاجتهاد حيناً وبالتهرب منها حيناً آخر. لكن مما لا شك فيه أنها جعلتنا نسعى لاكتساب مهارات ومعرفة أكثر. فكلنا يحلم بأن ينتمي لتنظيم نموذجي يضرب به المثل في سلامة الممارسة، ولن يتحقق لنا مثل هذا التنظيم على أرض الواقع بالحظ، بل بالتخطيط السليم وبالعمل الجاد لخلق أجهزته وقنواته ووضع القواعد المتينة التي تضبط أداءه، وباكتساب المهارات والمعرفة التي تضع هذه القواعد موضع التنفيذ.
كانت الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات والجمعيات التطوعية في السودان حتى سنوات قليلة من أكثر التنظيمات حيوية في المنطقة. وكانت تجربة السودان في الإطاحة بالنظم الاستبدادية بقوة حركته الجماهيرية رائدة وفريدة. فقد برهنت القوى المدنية الممثلة في تلك الأحزاب والنقابات والاتحادات الفئوية والمهنية على قوة إرادتها الجماعية وهي تدافع عن حقوق أعضائها وتقود وتنفذ الإضرابات والمظاهرات وغيرها من الأنشطة المطلبية والسياسية. ورغم عدم الاستقرار النسبي في البلاد في ظل الحكومات الوطنية المتعاقبة في السنوات السابقة، إلا أن السودان استطاع أن يحافظ على خدمة مدنية مستقلة وعلى قضاء ذي سجل مشرف في حماية حقوق الإنسان الأساسية، وعلى تلك القاعدة النشطة من التنظيمات المدنية.
لذلك، لم يكن مستغرباً أن تحاول كل النظم الاستبدادية التي تعاقبت على حكم السودان إعادة صياغة وتوجيه هذه التنظيمات لمصلحتها أو حلها أو تفتيتها وتشتيت عضويتها. وبعد تجارب مريرة ضد هذه الأنظمة، وبعد أن تهاون السودانيون كثيراً في إدارة أنفسهم في ظل الحكومات المتعاقبة، أتضح لهم أنه ليس كافياً أن يناضلوا لاستعادة الديموقراطية، بل عليهم أن يحافظوا عليها ويرسخوا مفاهيمها ويعملوا بجد على توطيد دعائمها ويعززوا الإجماع على جدواها بين المواطنين. فكلما ازدادت قاعدة الاقتناع بجدواها وفاعليتها، استقرت.
وواحدة من وسائل المحافظة على الديموقراطية هي ممارستها بطريقة صحيحة. فرغم أن تنظيمات المجتمع القائمة تؤكد التزامها بالنهج الديموقراطي، إلا أن الواقع لا يعكس ذلك. فبناء أغلبها ضعيف، ولوائحها، إن وجدت، فضفاضة لدرجة جعلت أعضاءها يستهينون بها ويتجاهلوا قنواتها.
لكل هذه الأسباب ولغيرها رأينا أنه من واجبات المواطنة علينا أن نفرد هذا الموقع لنتعرف من خلاله على قواعد وإجراءات الممارسة الديموقراطية العملية عل هذه المعرفة تعطينا أدوات أحسن لتقييم تنظيماتنا وتقويمها والارتقاء بأدائها.
تطور فقه المداولات عبر السنين، وتراكمت قواعده وإجراءاته نتيجة السوابق التي جاءت لتوضح أو تفسر أو تحسم القضايا الإجرائية التي اعترضت سبيل التنظيمات المختلفة، أو نتيجة أحكامٍ جديدة سنت سداً للثغرات. فصدرت في بريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص عشرات الكتب التي غطت مجال قواعد وإجراءات المداولات، وتتابعت الدوريات التي تعنى بها، كما قامت معاهد ومؤسسات وجمعيات متخصصة لتعنى بتأهيل المستشارين البرلمانيين وتدريب غيرهم من الكوادر في مجال قواعد وإجراءات المداولات. تقدم هذه المؤسسات أيضاً الخدمات الاستشارية وتعد وتدير المقررات التدريبية لأي تنظيم يطلبها.[1]
كان كتاب قواعد المداولات لهنري مارتن روبرت[2] أهم الإصدارات في هذا المجال. فقد جمع الكتاب الأسس والقواعد العامة للمداولات، ووثق التقاليد والأحكام المتراكمة نتيجة السوابق الإجرائية والقضائية عبر القرون وجمع القرارات التي سيرت اجتماعات البرلمان البريطاني ومجلس النواب الأمريكي، واللذان أثرا على الممارسة العامة في بلديهما وفي أغلب الديموقراطيات الحديثة، واستعمل هذه الخبرة ليغطي بها احتياجات أغلب أنواع الاجتماعات.
أصبح هذا الكتاب مرجعاً أساسياً في قواعد المداولات ومرشداً في تنظيم أعمال اجتماعات التنظيمات المدنية في بريطانيا وأمريكا وفي العديد من بلاد العالم الأخرى. نشر الكتاب أول مرة في 1876، وظهرت منه حتى الآن تسع طبعات وبيعت منه أكثر من أربع ملايين نسخة، وصدرت آخر طبعة Robert’s Rules of Order Newly Revised, في 1990 في 706 صفحة. أصبح هذا الكتاب - بحكم عمره - شديد التفصيل لدرجة أخافت القارئ العادي منه. فقد حوى عدداً كبيراً من المصطلحات والألفاظ والتعبيرات القديمة التي يصعب فهمها مباشرة من الصيغة التي تنطق بها. فـ (الوضع على المائدة) مثلاً يعني تأجيل مسألة، و(المسألة السابقة) تعني اقتراحاً بقفل باب النقاش، وهكذا. زيادة على هذه التعبيرات التي عكست تقاليد الاجتماعات في القرن التاسع عشر في بريطانيا وأمريكا، حفل الكتاب أيضاً بصيغة اقتراح لكل مسألة تخطر على البال. وبالتالي صار معقداً وصعباً وإن لم يقلل ذلك من أهميته كمرجع حجة وكتاب ثقة حتى يومنا هذا.
لصعوبة هذا الكتاب، حاولت كتب أخرى أن تكون سهلة بسيطة. فقد جاء في تصدير كتاب أليس استيرجس: أسس الإجراءات البرلمانية The Standard Code of Parliamentary Procedure الذي نشر أول مرة في 1950 وقام بمراجعة الطبعة التي بين أيدينا[3] – طبعة 1993 – المعهد الأمريكي للبرلمانيين، بأنه هو كتاب روبرت بعد أن أزال منه كل المادة القديمة. جاء هذا الكتاب في 277 صفحة بعد أن تخلص فعلاً من عدد كبير من الاقتراحات نادرة الاستعمال، فجاء في لغة مباشرة ومصطلحات واضحة الدلالة متوافقة مع ممارسة التنظيمات الحديثة، ونجح بالتالي في أن يكون (مرجعاً عاماً) آخر من المراجع الأمريكية العديدة.
أما المصادر البريطانية فقد تميز بعضها بالسهولة والمباشرة. فقد كان كتاب ولتر سترين: أبجديات رئاسة الاجتماعات: Citrine’s ABC of Chairmanship. دليلاً لا تتجاوز صفحاته المائة وعشرين، لكنه حاو لأغلب ما يحتاجه الاجتماع العصري من قواعد وإجراءات أساسية حتى أصبح من المصادر البريطانية المفضلة.[4]
أما كتاب ارسكين مى[5] الممارسة البرلمانية: Parliamentary Practice الذي وثق ممارسات وإجراءات البرلمان البريطاني بدقة شديدة، والكتب التي تعالج القوانين الخاصة بالشركات والمؤسسات فقد أسهبت إسهاباً جعلها أقرب لدوائر المعارف أو قواعد المعلومات منها للكتب العامة.[6]
لم تخل المكتبة السودانية تماماً من المرجع المفيد. فقد صدر كتابان هامان ورائدان في إشاعة أدبيات التنظيم والاجتماع بين قطاعات المواطنين، كان لهما أثرهما الملحوظ في نمو التنظيمات المدنية على اختلافها في السودان. هذان الكتابان هما: الجمعيات داخل المدرسة وخارجها: إرشادات للمبتدئين في الديمقراطية العملية الذي ألفه ف. ل. قريفس ومكي عباس وصدر عن مصلحة المعارف السودانية في عام 1943،[7] والطريق إلى البرلمان لإسماعيل الأزهري الذي صدر عن دار المعارف للطباعة والنشر في الخرطوم في عام 1946،[8]وطبع مرة ثانية في دار الثقافة ببيروت في 1965.
حاول الكتاب الأول أن يغطي حاجة التنظيمات المدنية لقواعد المداولات وذلك بأن يبدأ بتدريب المعلمين حتى يقوموا بتدريسها لتلاميذ المدارس وتدريبهم على إدارة جمعياتهم وندواتهم. اعتمد الكاتبان في هذا العمل القيم على التجربة البرلمانية البريطانية وإن لم يثبتا ذلك صراحة. كان هذا الكتاب أول إصدار في ما أسماه الكاتبان سلسلة كتب الوطني الحق، وقد أعد دعماً لتجربة التربية بالممارسة أو التربية العملية التي قام عليها معهد التربية ببخت الرضا الذي أسسه ف. ل. قريفس في مدينة الدويم بالسودان عام 1934. لم يوزع هذا الكتاب حسب علمنا على نطاق واسع، فقد أعد لتدريب المعلمين وبالتالي فهو مجهول للكثيرين.
جاء في مقدمة هذا الكتاب أنه كتب لفائدة أولئك الذين التحقوا ببعض الجمعيات ومارسوا أعمالها إلى حد أخذوا يتساءلون عنده عن الأسباب التي دعت إلى اتخاذ طرق مخصوصة للسير في أعمال الجمعيات وإدارتها، وصاروا يفكرون في الأوجه التي تحل بها المشكلات التي تواجههم عندما ينتخبون لعضوية اللجان أو لشغل وظائف إدارية في جمعياتهم. ثم بعد أن حدد الكاتبان طريقة استعمال الكتاب وكيف يجد القارئ المادة التي ينشدها، تناولا بالشرح أيضاً شروط النجاح في الجمعية، قائلين:
“إن القواعد الحسنة لا تكفل وحدها النجاح للجمعية، إذ نجاح الجمعية يتوقف فوق كل شيء على توافر صفات خلقية كثيرة في الأعضاء التنفيذيين وفي بقية أعضاء الجمعية. فإذا لم تسد روح التعاون بين الأعضاء، وإذا لم يكن الرئيس منصفاً غير ساع وراء تمجيد نفسه، وإذا لم يكن السكرتير من المجدين الذين يعتمد عليهم، وإذا لم يكبح محبو الكلام أنفسهم ويقصروا كلامهم على ما هو ضروري، نقول إذا لم تتوافر في الأعضاء هذه الصفات وصفات أخرى كثيرة، آبت الجمعية بالفشل لا محالة رغم قواعدها الحسنة، ولعله كان من الأصوب أن نذكر هذه النقطة في مقدمة الشروط الأساسية لنجاح الجمعية، لأن أخلاق الأعضاء هي في الواقع أساس نجاح الجمعية أو فشلها.”[9]
أما كتاب الأزهري فقد استفادت منه العديد من التنظيمات في السودان وأشارت بعضها إليه وتناقلت الأخرى بعض محتوياته، وتبناه اتحاد طلاب جامعة الخرطوم كمرجع عام. حوى هذا الكتاب 1025 مادة خاصة بإنشاء الجمعيات وتشكيل اللجان وقواعد المداولات. لم يستهن الأزهري بهذه الأمور التنظيمية ولم يعتبرها أموراً شكلية، بل أخذها مأخذ الجد وأدلى بدلوه فيها مستعيناً بالمصادر المتداولة في ذلك الوقت التي أثبتها في ذيل كتابه، فكان منها الأوضاع البرلمانية لفؤاد كمال، ومبادئ القانون الدستوري المصري والمقارن لمصطفى صادق ووايت إبراهيم، وقواعد المداولات لروبرت الذي أشرنا إليه أعلاه.
دعا الأزهري لتكريس قواعد المداولات في المجتمع وترسيخها في عقول المواطنين، ونبه لأهمية إعداد الناشئة إعداداً يتماشى، حسب قوله، مع النظم البرلمانية حتى تختلط بالدم وتمتزج بالروح وتصبح جزءاً من النفس لا تتجزأ، فتنشأ مجبولة على تقديس القوانين مفطورة على حب النظام. ودعا لتأهيل الشباب لعضوية البرلمان يوماً ما، وحث على نشر الأساليب البرلمانية بإنشاء الجمعيات في المدارس والمعاهد والكليات. فالمواطن، حسب قوله، قد أصبح يدرك ما له من حقوق وما عليه من واجبات نحو نفسه ونحو وطنه، ويدرك أيضاً أن الفائدة العامة لا تتحقق إلا بالعمل المشترك في جماعات تخضع لدستور وتسير على نظام. والجماعة أو الجمعية، في أبسط صورها، أفراد يربطهم مبدأ واحد أو غرض مشترك، ولهم نظام معين يسيرون عليه لإدراك هذا الغرض وتحقيق ذلك المبدأ.[10]
اعتمد المواطن على ما علق في الذاكرة من هذا وذاك من تلك المصادر القليلة، وعلى الاجتهاد وعلى الموروث الشعبي والتقاليد السائدة في أساليب الاجتماع والحوار. وكانت هذه المعرفة كافية بعض الأحيان. فقد لاحظ الدارسون مدى الفائدة التي جناها المواطن من تراثه وهو يمارس أولى تجاربه البرلمانية في أواسط الخمسينات حين شارك في برلمان الحكم الذاتي ثم في برلمانات ما بعد الاستقلال. فرغم حداثة تلك التجربة وقلة تعليم أغلبية العضوية المنتخبة لتلك الهيئات، إلا أن النائب البرلماني السوداني كان لبقاً ومراعياً للأسس والقواعد. فقد تعلم بسرعة بالمشاهدة وحدها ودون الإطلاع على اللوائح المكتوبة. فعرف مثلاً أنه من غير المناسب أن يغادر مقعده أثناء مخاطبة الرئيس للمجلس، أو أن يمر بين المنصة وبين أي عضو واقف للحديث، أو أن يتلفظ بكلمات نابية داخل القاعة، أو أن يتحدث دون أن يؤذن له، أو أن يوجه الكلام لغير الرئيس. كما عرف أن عليه إذا أراد الخروج خلال الاجتماع أن يقف حتى يراه الرئيس ويأذن له.[11] ولم يكن المواطن العادي أقل وعياً، فقد ورد في تقرير لجنة الانتخابات الأولى في السودان، وهي لجنة كل أعضائها من الأجانب، أنه بالرغم من تفشي الأمية بين المواطنين فقد مارس الناخبون حق التصويت بوعي وإدراك.
وكانت هناك مصادر أخرى ساهمت ولو بقدر يسير في تدريب المواطن على إدارة اجتماعاته. فقد عرف السودان أشكالاً مختلفة للهيئات التشريعية في ظل النظم الديموقراطية المتعاقبة وفي غيرها، وكانت لهذه الهيئات قواعد وإجراءات استمدت أغلبها من التجربة البرلمانية البريطانية. ساعدت هذه الهيئات بقدر مناسب في ترقية الوعي التداولي وإشاعة مصطلحاته، لكن انحصرت فائدتها في ردهاتها وبين النواب ولم تتعدها لتكون تجربة متاحة لكل مواطن. وبالتالي لم تساهم كثيراً في ترقية الوعي العام في هذا المجال.[12]
كذلك يجد المتتبع للحركة النقابية السودانية والمطلع على أدبياتها وتجربتها، أنها حظيت بسمعة دولية وإقليمية طيبة وذلك لمساهماتها المشهودة وتضحياتها في تأسيس الحياة الديموقراطية السليمة في البلاد. فقد كان لهذه الحركة سجل مشرف في النضال ضد كل النظم الاستبدادية وضد الفساد والظلم بكل أنواعه. كما أنها تميزت بوعي سياسي واجتماعي متقدم ومؤثر رغم سيادة الأمية على قطاع كبير منها. فقد أرست النقابات أساليب التنظيم والحوار وطرق اتخاذ القرار وعممتها وسط قواعدها خصوصاً بين العمال والمزارعين. كما أرست الحركة الطلابية ممثلة في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وعياً تنظيمياً باكراً بين الطلاب. فكان لكل تنظيم من التنظيمات النقابية والفئوية نظام أساسي متين اتبعه بانضباط، وتقيد بكل ما جاء فيه من أحكام ومن قواعد وإجراءات. فكانت هذه التنظيمات أمثلة في الممارسة المنضبطة ومدارس تعلم منها جمهور المواطنين.
نظمت أغلب الأحزاب السياسية السودانية نفسها لتواجه متطلبات العمل الجماهيري العريض، وكان لبعضها - زيادة على نظمها الأساسية - وثائق أخرى اعتمدتها لتضبط إجراءاتها. هذه الوثائق، إن وجدت فهي، للأسف، ليست متاحة خارج إطار هذه التنظيمات. فقد بذلنا جهداً كبيراً لكي نجد نسخة من كتاب عبد الخالق محجوب: كيف تعقد اجتماعاً ناجحاً؟ دون جدوى. وهذه المحاولة في حد ذاتها تؤكد قلة المتاح من المادة المنشورة في هذا المجال وسط الأحزاب السودانية.
فيما عدا المصادر السودانية التي أشرنا إليها أعلاه التي ما عادت في متناول المواطن، بحثنا في المكتبة العربية عن الكتاب الذي يساعدنا في أن نتعرف على كيفية ممارسة وتطبيق مفاهيم ومبادئ المشاركة العملية السليمة داخل تنظيمات المجتمع. وبحثنا على وجه التحديد عن أي مصدر يعيننا على فهم قواعد المداولات والأسس التي قامت عليها، فوجدنا فراغاً كبيراً وغياباً يكاد يكون كاملاً للمعلومة اللازمة. ليس ذلك فحسب، بل اتضح لنا أن المجال لا يشغل بال المفكرين بالقدر الذي يستحقه، فما ذكروه إلا نادراً. المجال مهمل لا شك في ذلك، لكنه إهمال ناتج لا عن تجاهل فيما نظن، بل عن جهل بوجود علم متكامل يحكم أداء كل تنظيم داخل الدولة ويضبطه بنظرياته وقواعده وإجراءاته.
ولهذه الأسباب مجتمعة رأينا أن هناك حاجة ملحة لأن نساهم في ملء بعض هذا الفراغ لنساعد بذلك الأفراد وما يمثلون من طبقات متباينة في المجتمع، وما يحملون من أفكار وتيارات فكرية مختلفة، وما يدافعون عنه من مصالح، في أن يتواصلوا داخل وعبر تنظيماتهم بطريقة منهجية منظمة، ويستطيعوا أن يقرروا بكفاءة - كجماعة - عمل شيء أو اتخاذ موقف موحد، أو يتمكنوا من تكوين تنظيم جديد. فلقد شعرنا بهذه الحاجة من خلال مشاركتنا في عضوية ورئاسة عدد لا بأس به من الهيئات التداولية ومن مساهماتنا في العمل العام وما لاحظناه من ثغرات كان يمكننا تلافيها إذا وجدنا دليلاً نستعين به. وضعنا هذا الكتاب، إذن، وفي تقديرنا أنه يصلح لأن يكون مصدراً يستفيد منه المواطن أياً كان موضعه، و(مرجعاً عاماً) لأي هيئة تداولية ترتضي أن تتبناه.
الفهم الذي ينطلق منه هذا الموقع هو أن الديموقراطية الفعالة تقوم على ثلاثة أعمدة هي: كفالة وحماية حقوق الإنسان الأساسية، سيادة حكم القانون، والانتخابات الحرة النزيهة. وهي بالتالي نظام (تمثيل) يعبر عن (تفويض) المجموعة لسلطاتها وصلاحياتها لمن ينوب عنها، لكن تظل المجموعة رغم ذلك التفويض هي صاحبة السلطة العليا. وهذه السلطة لا يمكن أن تمارس في مختلف مستويات الهيئات التداولية بطريقة سليمة إلا بوجود آليات وضوابط تضمنها وإلا ضاعت وسط الفوضى. تعرف هذه الآليات والضوابط بقواعد المداولات. هذا الفهم نراه كافياً لأغراضنا مهما اختلفت الديموقراطية في صيغها القانونية وفي أشكالها وفي مفاهيمها.
يحاول هذا الموقع إذن أن يجيب على الأسئلة التالية:
n ما هي آليات الممارسة الديموقراطية السليمة في الواقع العملي؟
n ما هي التنظيمات التي تنطبق عليها هذه الآليات؟
n كيف تقوم هذه التنظيمات وكيف تدار وما هي الوثائق التي تضفي الشرعية عليها؟
القصد من دراسة قواعد وإجراءات المداولات هو التعرف على المكونات الأساسية لكل أنواع التنظيمات، ودراسة خصائصها وكيفية إدارتها وإدارة اجتماعاتها، والتعرف على حقيقة التداول ومقاصده الصحيحة وآلياته وفنونه والخلفية الفكرية والنظرية التي يقوم عليها. فعنينا في هذا الموقع بهذه الآليات والضوابط وبالتالي بجوانب الممارسة العملية التي نرى أهمية الالتزام بها ضمن ترتيبات أخرى لتحقيق مضامين ومبادئ الديموقراطية. فزيادة على ما توافر لدينا من مصادر أجنبية، راجعنا التجربة السودانية والقيم والتقاليد المرعية في مجتمعاته في قواعد الاجتماع وآداب السلوك العام التي أوجزنا جانباً منها في تمهيد هذا الكتاب. وراجعنا المصادر الوطنية على قلتها، والقانون السوداني خصوصاً المواد التي تنظم عمل الشركات والمؤسسات،[13]والدساتير الانتقالية، والمواثيق والقوانين المقترحة للعمل السياسي والاجتماعي والنقابي،[14]وبعض المصادر التي عنيت بالقانون الإداري.[15] فكان هدفنا من هذا التقصي هو أن نتبين الجوهر المشترك الذي تقوم عليه التطبيقات العملية للديموقراطيات الراسخة على مستوى التنظيمات المختلفة ومؤسسات وأجهزة الدولة، ونستكشف مبادئها الإنسانية الأساسية التي قامت عليها.[16] أما المفاهيم التي تتعلق مباشرة بالديموقراطية كمثل عليا أو فلسفة، أو تتعلق بأنواعها وجدواها كنظام للحكم (أو تمثيل إرادة المجموعة)، فلم تكن مجال بحثنا المباشر.[17]
ترتبط التنظيمات في الدولة ارتباطاً وثيقاً وتتأثر تأثراً مباشراً بنظام الحكم القائم. فقد اتضح أنها تكون أحسن نمواً وتطوراً في ظل الدولة القانونية المستقرة التي تقر وترعى التعددية السياسية والفكرية والثقافية والعرقية والدينية، وتضمن حقوق الإنسان الأساسية، وتقر بالتالي بوجود الآخرين وبالرأي الآخر وبتعدد المناهج والدعوات والتنظيمات. فتنظيمات المجتمع في حقيقتها وجه هام من وجوه التعبير العملي عن التعددية. وبالتالي، اهتدت قواعد المداولات التي تضبط نشاط هذه التنظيمات بمبادئ ومفاهيم النظم التعددية النيابية السليمة وبثوابتها، وأصبحت جزءاً أصيلاً منها لا تتكامل أجزاؤها إلا فيها. وأقرت بعض النظم السياسية الأخرى مشاركة الشعب في صنع القرار، لكنها فسرت هذه المشاركة على هواها، فصاغت الدستور نيابة عن الشعب ووضعت هياكل الدولة وفق رؤاها لطبيعة السلطة التي في يدها وتصورها للمصلحة العامة التي ترعاها. وقامت بعض التنظيمات في مثل هذه النظم على نفس هذه القاعدة الخاطئة.
[1] أشهر هذه المؤسسات في الولايات المتحدة الآتي:
· The National Association of Parliamentarians, 213 South Main Street. Independence, Missouri 64050-3850, Tel (816) 833-3892, Fax (816) 833-3893.
· The American Institute of Parliamentarians,10535 Metropolitan Ave., Kensington, Maryland 20895-2627 Tel (301) 946-9220 Fax (301) 949-5255.
· The National Conference of State Legislative, 1050 17th Street, Suite 2100, Denver, Colorado 80265
· The American Society of Legislative Clerks and Secretaries.
[2] Robert, Sarah Corbin, et al. Robert’s Rules of Order Newly Revised. New and Enlarged, Scott, Foresman Company; 1990 ed. Glenview, Illinois, London: c1990: 706 pages.
[3] Sturgis, Alice. The Standard Code of Parliamentary Procedure. New and revised, Third McGraw Hill, Inc.; Revised by the American Institute of Parliamentarians. New York; 1993: 281 pages.
[4] Cannell, Michael, and Citrine, Norman. Citrine’s ABC of Chairmanship. 4th ed. Edited by London: NCLC Publishing Society, 1994: 122 pages.
[5] May, Erskine. Parliamentary Practice (The Law, Privileges, Proceedings and Usage of Parliament). Butterworths; Twenty-first ed. Boulton, C.J. et al, ed. London; 1989: 1079 pages.
[6] As examples see: Lawton, P., Rigby, E. Meetings: Their Law and Practice. Fifth ed. London, Longman’s Group U.K.; 1992: 424 pages. &
Shearman, I. Shakleton on the Law and Practice of Meetings. Eighth ed. London, Sweet and Maxwell; 1991: 330 pages.
[7] قرفس، ف. ل. ومكي عباس. الجمعيات داخل المدرسة وخارجها: إرشادات للمبتدئين في الديمقراطية العملية. الخرطوم: مصلحة المعارف السودانية، 1943، صفحة 3
[8] إسماعيل الأزهري. الطريق إلى البرلمان. (الطبعة الثانية) بيروت: دار الثقافة 1965، 319 صفحة.
[9] قرفس. نفس المصدر السابق صفحة 3.
[10] إسماعيل الأزهري. نفس المصدر السابق (أماكن متفرقة من المقدمة).
[11]عثمان محمد حسن. التقاليد البرلمانية في السودان. جريدة الأيام 19 سبتمبر 1988.
[12] على سبيل المثال: اللائحة الداخلية: الجمعية التأسيسية التي سنها الدكتور المبارك الفاضل شداد رئيس الجمعية التأسيسية بموجب المادة 62 من دستور السودان المؤقت (المعدل سنة 1964)، 1966: 83 صفحة، ولائحة تنظيم إجراءات الجمعية التأسيسية لسنة 1986 (معدلة حتى سبتمبر 1988). 55 صفحة.
[13] قانون الشركات لسنة 1925: قوانين السودان. المجلد الأول 1901-1925، الطبعة الخامسة، مراجعة حتى 31 ديسمبر 1975: قانون الشركات صفحات 364-385 من الطبعة الإنجليزية (الضوابط المدرجة في القائمة (أ) من الجدول الأول).
[14] أنظر: التجمع الوطني الديموقراطي: وثائق مؤتمر لندن: فبراير 1992: 42 صفحة، ووثائق مؤتمر القضايا المصيرية 23 يونيو 1995.
[15]محمد محمود أبو قصيصة. مبادئ القانون الإداري السوداني. دار جامعة أم درمان الإسلامية للطباعة والنشر، أم درمان، 1990: 90 صفحة.
[16] نشرنا أجزاء لصيقة بهذا المجال في جريدة الأيام السودانية في حلقات في الفترة من 12 يوليو 1987 إلى 1 سبتمبر 1987 أوجزنا فيها بعض القواعد التي تنظم أعمال الهيئات التداولية. راجع: أحمد الصافي. الأداء العام. جريدة الأيام السودانية 12، 13، 14، 16 يوليو، 30، 31 أغسطس، 1 سبتمبر 1987.
[17] أنظر لنقاش بعض هذه الجوانب في المصادر العربية التالية: سعد الدين إبراهيم وآخرون (محررون). ندوة أزمة الديموقراطية في الوطن العربي (بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية)، ليماسول - قبرص، 26-30 نوفمبر 1983: 928 صفحة؛ وحيدر إبراهيم علي (تحرير) الديموقراطية في السودان: البعد التاريخي والوضع الراهن وآفاق المستقبل. أبحاث ندوة تقييم التجارب الديموقراطية في السودان: القاهرة 4-6 يوليو 1993.
Copyright © 2001by Dr. Ahmad Al Safi: Practical Democracy (الديموقراطية العملية). All Rights Reserved
Last modified: April 30, 2003
الحماية الجنائية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة؛ دراسة مقارنه بين القانون العراقي والسوري
الحماية الجنائية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة؛ دراسة مقارنه بين القانون العراقي والسوري
إعداد
حسين غني حسين العتابي
الأستاذ المشرف
الدكتور یحیی میرعلی بیداخویدی
الاستاذ المساعد
الدكتور علي شريفي
نوفمبر 2023 م
المستخلص
يُظهر التاريخ أن الأشخاص ذوي الإعاقة كانوا دائمًا عرضة للإساءة وانتهاك حقوقهم، وتعرضت لهم جميع أنواع الاعتداءات الجسدية والجنسية والتمييز الاجتماعي والمالي وحتى جرائم القتل. لم يدعم الناس والمؤسسات والنظام السياسي الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل جدي، بل تركوهم في كثير من الأحيان دون دعم ومأوى. منذ القرن الثامن عشر، أثار البعض قضية الدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم على أساس حقوق الإنسان، واعتبروا هذه الحماية جزءاً من حقوق الإنسان. ولذلك فإن الحماية القانونية للمعاقين تعني حماية الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال وضع قوانين وقائية، بما يتناسب مع قدراتهم ومسؤوليتهم ضد سوء المعاملة والعنف ومختلف أنواع الجرائم ضد هذه الفئة في سياق الإجراءات القضائية. واليوم، ومع تقدم الإنسان لقد تم التأكيد على المساواة في الحقوق بين جميع البشر دون أي تمييز، في شكل مبادئ مختلفة، في القوانين المحلية والدولية. ومن ناحية أخرى، تُعرف الإعاقة كظاهرة اجتماعية، ولحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مكانة خاصة، ومن هذه الحقوق القانون الجنائي. نظرًا لظروفهم الخاصة، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة معرضون لارتكاب الجرائم أكثر من غيرهم، لذلك ينبغي لممارسي نظام العدالة الجنائية، من خلال اعتماد وسائل الحماية الجنائية المناسبة، ولو بشكل تفاضلي، مقارنة بالأشخاص ذوي الإعاقة، أن يتخلصوا من سياق ارتكاب الجرائم ضدهم. الناس. في هذا البحث تم دراسة الحماية الجنائية للأشخاص ذوي الإعاقة في قوانين العراق وسوريا بطريقة تحليلية وصفية ومقارنه. تظهر نتائج هذا البحث أنه في قوانين العراق وسوريا تم تطبيق الحماية الجنائية للأشخاص ذوي الإعاقة.
الكلمات المفتاحية: الحماية الجنائية، حقوق، الاشخاص، ذوي الاعاقة، الاحتياجات الخاصة.
Criminal protection of the rights of persons with disabilities and special needs; A comparative study between Iraqi and Syrian law
Preparation
Hussein Ghani Hussein Al-Atabi
Professor Supervisor
Dr. Yahya Mirali Bedakhouidi
Assistant Professor
Dr. Ali Sharifi
November 2023 AD
Abstract
History shows that people with disabilities have always been vulnerable to abuse and violation of their rights, and have been subjected to all kinds of physical and sexual assaults, social and financial discrimination, and even murders. People, institutions and the political system did not seriously support people with disabilities, often leaving them without support and shelter. Since the eighteenth century, some have raised the issue of defending and protecting persons with disabilities on the basis of human rights, and have considered this protection to be part of human rights. Therefore, legal protection for persons with disabilities means protecting persons with disabilities through the establishment of preventive laws, commensurate with their capabilities and responsibility against mistreatment, violence and various types of crimes against this group in the context of judicial procedures. Today, with the progress of mankind, the equality of rights among all human beings without any discrimination has been emphasized, in the form of various principles, in domestic and international laws. On the other hand, disability is known as a social phenomenon, and the rights of persons with disabilities have a special status, and one of these rights is the criminal law. Due to their special circumstances, persons with disabilities are more likely to commit crimes than others, so criminal justice system practitioners, by adopting appropriate criminal protections, albeit differentially, compared to persons with disabilities, should remove the context of the commission of crimes against them. the people. In this research, the criminal protection of persons with disabilities in the laws of Iraq and Syria was studied in an analytical, descriptive and comparative manner. The results of this research show that in the laws of Iraq and Syria, criminal protection for persons with disabilities has been applied.
Keywords: criminal protection, rights, people, people with disabilities, special needs.
دراسة مقارنة في القوانين الجزائية العربية لمكافحة جرائم التلوث
دراسة مقارنة في القوانين الجزائية العربية لمكافحة جرائم التلوث البيئي
علي الفيل
الملخص: تزايدت الملوثات البشرية في بيئتنا الطبيعية الجميلة نتيجة التطور الصناعي، وغيرها من الأسباب التي ساهمت في تغيير قيمة البيئة. وبعد أن كانت مصدراً للراحة والاسترخاء والتمتع بمواردها الطبيعية الجميلة، أصبحت البيئة مصدراً للأوبئة والأمراض، لأنها مكوناتها الطبيعية؛ أي: فسد الماء والهواء والتربة. وإدراكا لهذه المخاطر، وفي إطار سيادتها الإقليمية، أصدرت كل دولة تشريعات وقوانين لحماية البيئة ومكافحة التلوث ودعمت هذه التشريعات بعقوبات جنائية تجبر الناس على احترام هذه التشريعات. وتضمنت التشريعات البيئية عقوبات جنائية في شكل عقوبات على مرتكبي الجرائم البيئية. الغرض من العقوبة الجنائية البيئية هو تحقيق الردع العام والخاص من خلال ردع المخالف وإزالة آثار المخالفات البيئية والعودة إلى الحالة السابقة قبل ارتكاب الجريمة البيئية. وقد قسمت الدراسة الحالية إلى ثلاثة أقسام. تناول المبحث الأول العقوبات الأساسية كالعقوبات البدنية والعقوبات الحبسية والعقوبات المالية. وأما القسم الثاني فيبين العقوبات التكميلية مثل المصادرة والإفراج عن الحكم وإغلاق المنشأة. وفي المبحث الثالث تناولنا أسباب تشديد العقوبة المتمثلة في العود والعصيان على الأحكام ونوع الجريمة البيئية المرتكبة. وأخيراً أظهرت الدراسة عدة نتائج وتوصيات. الكلمات المفتاحية: العقوبات الجنائية، التلوث، البيئة، الجرائم البيئية، العقوبات.
A comparative study of Arab penal laws to combat environmental pollution crimes (in Arabic)
Ali the elephant
Abstract: Human pollutants have increased in our beautiful natural environment as a result of industrial development and other reasons that have contributed to changing the value of the environment. After being a source of comfort, relaxation, and enjoyment of its beautiful natural resources, the environment has become a source of epidemics and diseases, because they are its natural components. That is: spoilage of water, air and soil. Aware of these risks, and within the framework of its territorial sovereignty, each country has issued legislation and laws to protect the environment and combat pollution and has supported these legislations with criminal penalties that force people to respect these legislations. Environmental legislation included criminal penalties in the form of punishments for perpetrators of environmental crimes. The purpose of environmental criminal punishment is to achieve general and private deterrence by deterring the violator, removing the effects of environmental violations, and returning to the previous state before committing the environmental crime. The current study was divided into three sections. The first section dealt with basic punishments, such as corporal punishments, imprisonment punishments, and financial punishments. The second section outlines complementary penalties such as confiscation, release from judgment, and closure of the facility. In the third section, we discussed the reasons for increasing the penalty for recidivism and disobedience to rulings and the type of environmental crime committed. Finally, the study showed several results and recommendations.
Keywords: criminal penalties, pollution, environment, environmental crimes.
المجلس التشريعي الثاني وأهميته المتضائلة في النظم السياسية الحديثة: دراسة مقارنة
زهير قدورة
الملخص: تناولت في هذا البحث – دراسة مقارنة – السلطة التشريعية وهي البرلمان في الأنظمة السياسية الحديثة وركزت على المجلس التشريعي الثاني في الدول التي تطبق هذا النظام سواء كانت الدول البسيطة أو الفيدرالية. ولوحظ أن ازدواجية السلطة التشريعية غير مبررة في الدول الديمقراطية البسيطة، ولكنها في الدول الفيدرالية ضرورية للغاية لأن هذه الدول تتكون من عدة ولايات لا ترغب في الخروج بشكل كامل مع السلطة الفيدرالية وتفضل الاحتفاظ ببعض الاستقلالية فيها. جوانب معينة وتتمثل هذه الجوانب في مجلس تشريعي ثان. وبعد تحليل العديد من الممارسات في هذا المجال، لوحظ أن المجلس التشريعي الثاني بدأ يفقد أهميته في كل من الدول الاتحادية والبسيطة، وقد تم التوصل إلى هذه النتيجة بعد دراسة الممارسات في المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، وأستراليا، وبعض الدول العربية الأخرى مثل الأردن ومصر. وقد قسم البحث إلى ثلاثة فصول. تم في الفصل الأول تعريف نظام المجلسين التشريعيين في الدول البسيطة والفدرالية. وفي الفصل الثاني تم توضيح مع الأمثلة تقليص دور المجلس التشريعي الثاني في عدة دول. وفي الفصل الثالث تم شرح الاتجاه الجديد في النظم السياسية الحديثة والذي يهدف إلى إلغاء المجلس التشريعي الثاني. والسبب وراء هذا التوجه الذي يتجلى في قوة السلطة المركزية وهيكلية المجلس التشريعي الثاني عدم قدرتها على الصمود أمام نفوذ السلطة المركزية. ولوحظ أن العديد من الدول الإسكندنافية بدأت في اتخاذ إجراءات لإلغاء السلطة التشريعية الثانية. وأخيراً تم توضيح نتائج البحث ووضع العديد من التوصيات التي ركزت على أهمية إلغاء المجلس التشريعي الثاني في الدول النامية مع الأسباب المبررة لهذه التوصيات.
The Second Legislative Council and its diminishing importance in modern political systems: a comparative study
Zuhair Qaddoura
Abstract: In this research - a comparative study - I dealt with the legislative authority, which is Parliament in modern political systems, and focused on the second legislative council in countries that implement this system, whether simple or federal countries. It was noted that dual legislative authority is not justified in simple democratic states, but in federal states it is absolutely necessary because these states consist of several states that do not wish to completely break with federal authority and prefer to retain some independence in them. Certain aspects: These aspects are represented in a second legislative council. After analyzing many practices in this field, it was noted that the second legislative council began to lose its importance in both federal and simple states. This conclusion was reached after studying practices in the United Kingdom, France, Canada, Australia, and some other Arab countries such as Jordan and Egypt. . The research was divided into three chapters. In the first chapter, the two-chamber legislative system in simple and federal states was defined. In the second chapter, the reduction in the role of the second legislative council in several countries was explained with examples. In the third chapter, the new trend in modern political systems, which aims to abolish the second legislative council, was explained. The reason behind this trend, which is evident in the strength of the central authority and the structure of the second legislative council, is its inability to withstand the influence of the central authority. It was noted that many Scandinavian countries began to take measures to abolish the second legislative branch. Finally, the results of the research were clarified and several recommendations were made that focused on the importance of abolishing the second legislative council in developing countries, along with the reasons justifying these recommendations.