أقسام الباعث
سأتناول أقسام الباعث من الناحية النفسية أولاً ثم الناحية الجنائية من أجل إيضاح طبيعة العلاقة بين الباعث والنية وسيكون ذلك من خلال فرعين وكالآتي:
الفرع الأول
الباعث من الناحية النفسية
إن بواعث السلوك وبخاصة السلوك الإنساني متنوعة ومتداخلة إلا أن أكثر التطبيقات شيوعاً هي التي تصنف البواعث إلى صنفين من حيث المنشأ: الأولى البواعث الفسيولوجية أو الفطرية, والثانية البواعث السيكولوجية أو المكتسبة وهذا ما سوف نوضحه وكالآتي:
أولاً: البواعث الفطرية:
هي تلك البواعث التي يولد الإنسان وهو مزود بها إذ لا يحتاج إلى تعلمها لانها تستند على أسس تتعلق بالتركيب البايولوجي للإنسان وتظهر على شكل حاجات بحاجة إلى الإشباع وبعض هذه الحاجات تبدأ ببداية حياة الإنسان ومن أهم هذه البواعث الفطرية نذكر(): باعث الجوع، باعث العطش، باعث التنفس، باعث الجنس، باعث الامومة
ثانياً: البواعث المكتسبة:
وهي تلك البواعث التي يكتسبها الفرد نتيجة خبراته اليومية وتعلمه المقصود وغير المقصود أثناء تفاعله مع بيئته ومن أهم البواعث المكتسبة نذكر:
البواعث الاجتماعية: تقسم البواعث الاجتماعية
إلى قسمين وهما البواعث الاجتماعية الفردية
والبواعث الاجتماعية العامة
البواعث الاقتصادية:
البواعث النفسية:
وان الباعث النفسي يعتمد على تكرار ارتباط الفرد
بموضوع الباعث الذي يثير في نفسه مشاعر مختلفة وللتوضيح نذكر الأمثلة الآتية:
باعث حب الوطن لدى الفرد يتكون من تكرار المواقف الإيجابية التي يقدمها الوطن للفرد من حيث توفير فرص العمل والأجر المادي وكفالة الحقوق والحريات بدون تمييز وكفالة الأمن والطمأنينة والعزة والكرامة والحماية من العدوان الداخلي والخارجي...إلخ, وكذلك باعث الكره أو الحقد اتجاه شخص معين أو شيء ما ينشأ نتيجة ارتباطه بما يثير في نفسه الغضب أو الخوف أو الألم وغيره فمثلا حب الزوج لزوجته قد ينهار فجأة ليحل محله الحقد والكراهية أن اتضح له حيادها عن الوفاء والإخلاص له().
الفرع الثاني
الباعث من الناحية الجنائية
يؤدي الباعث او الدافع أدواراً مختلفة في ثنايا نصوص قانون العقوبات العراقي مما أدى إلى تعدد أنواعه، حيث نجده أحياناً يعمل على تحديد طبيعة الجريمة وأحيانا أخرى يعمل على بيان مدى إدخال أو إخراج الفعل المرتكب من نطاق التجريم وأحيانا يؤثر على مقدار العقوبة وهذا ما سوف أوضحه وكالآتي:
أولاً: الباعث من حيث طبيعة الجريمة:
قسّمَ المُشرّع العراقي في المادة (20) الجرائم من حيث طبيعتها إلى عادية و سياسية ثم جاءت بعد ذلك المادة (21/أ) لتحدد طبيعة الجريمة السياسية من خلال ارتكابها بباعث سياسي أو من خلال وقوعها على الحقوق السياسية العامة أو الفردية وفيما عدا ذلك تكون الجريمة عادية بمعنى آخر إن المُشرّع قد منح الباعث دوراً في تحديد طبيعة الجريمة السياسية وهذا ما أكدته المادة (21/أ) والتي تنص ((الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة أو الفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية))().
الا ان ذلك لم يكن بشكل مطلق حيث استثنى المُشرّع العراقي بعض الجرائم وان كان الباعث على ارتكابها سياسي().
ثانياً: الباعث من حيث الإباحة والتجريم:
يمكن استخلاص نوعين للباعث في مجال الإباحة والتجريم وهما الباعث المُشرّوع والباعث غير المشروع(), فالأول : هو ذلك الباعث الذي لا تترتب عليه جريمة عندما يكون شرط من شروط الإباحة وبالتالي لا يمكن مسائلة فاعله كما في حالة أداء الواجب حيث يكون الباعث من القيام بالفعل هو لما تأمر به القوانين أو تنفيذاً لأمر صادر من رئيس تجب طاعته(). اما الثاني فهو ذلك الباعث الذي يجرمه القانون ويترتب عليه مسائلة فاعله كما في جريمة إغواء رجل لامرأة بالزواج لإرضاء دافعه الجنسي وواقعها بعد ذلك ثم رفض الزواج بها().
ثالثاً: الباعث من حيث أثره على العقوبة:
بما أنّ المُشرّع العراقي قد تبنى المبادئ التي تقوم عليها الفلسفة العقابية الحديثة والتي تهدف إلى جعل العقوبة متناسبة مع درجة خطورة المجرم ووضعه النفسي وحاجته للإصلاح لذا كان لابد ان يأخذ بعين الاعتبار الباعث الشخصي من ارتكاب الجريمة(), واستناداً لذلك ميز المُشرّع العراقي بين نوعين من الباعث من حيث أثره على العقوبة الأولى أسماه بالباعث الشريف والثاني الباعث الدنيء وبالنسبة إلى الباعث الشريف فقد عدّهُ المُشرّع عذراً مخففاً يستوجب من القاضي تخفيف العقوبة(), كما في جريمة قتل الزوج لزوجته أو إحدى محارمه حال تلبسها بالزنا إذ نلاحظ أن المُشرّع قد نزّل في عقوبة جريمة القتل من السجن إلى الحبس بسبب الباعث الشريف الذي اقترنت به الجريمة(), أمّا الباعث الدنيء فقد عدّهُ المُشرّع ظرف يستوجب تشديد العقوبة كما في جريمة القبض على شخص أو حجزه أو حرمانه من حريته بأي وسيلة كانت بدون أمر صادر من سلطة مختصة لغرض الكسب أو الاعتداء على عرض المجني عليه أو الانتقام منه().