المالية العامة
من الطبيعى ان كل انسان يسعى الى اشباع حاجاته المتعددة والمتزايدة وهو اساس المشكلة الاقتصادية فالمشكلة الاقتصادية تتمثل فى ندرة الموارد المتاحة بالنسبة للحاجات المتعددة مما يتطلب اختيار اشباع بعض الحاجات والتضحية بباقى الحاجات ( وهو ما يسمى بتكلفة الفرصة البديلة )
وهنا نجد ان تلك الحاجات التى يشبعها الانسان تنقسم الى نوعين اساسيين هما
1- حاجات خاصة
يقوم الفرد باشباعها لنفسه لانها تحقق له وحده النفع لذلك هو يدفع قيمة تلك الحاجات مثل الحاجة الى الطعام والمسكن وغيرها من الحاجات التى تعود بالمنفعه على صاحبها فقط
2- حاجات عامة او اجتماعية
وهى حاجات لا تعود بالمنفعة على الفرد وحده بل تعود بالمنفعة على المجتمع ككل لذلك لا يشبعها الفرد لنفسه بل يسعى الشعب والمجتمع كله لاشباعها مثل الدفاع والعدالة والأمن
وهنا نتسائل هل هناك فرد على استعداد لتحمل نفقة رصف طريق لمجرد انه يمشى عليه وهل هناك من يدفع ثمن دبابة لتشارك فى حمايته ؟؟
- الاجابة بالطبع لا لان المنفعة من هذه الاشياء لا تعود عليه هو فقط بل تعود على المجتمع ككل لذلك يجب ان يتحملها الجميع ونجد ان الدولة هى التى تتحمل مسئولية اشباع تلك الحاجات من خلال المالية العامة للدولة
ملاحظة هامة جدا
ويجب ان نؤكد هنا على حقيقة هامة جداً انه لا يوجد حد فاصل بين الحاجات العامة والحاجات الخاصة باستثناء العدالة والدفاع والامن ( فهم حاجات عامة ) أما باقى الحاجات فنجد ان بعض الحاجات قد تكون عامة وقد تكون خاصة فنجد ان الدولة قد تشبع الحاجة الى التعليم من خلال المدارس الحكومية اى انها تشبع حاجة عامة فى حين ان المدارس الخاصة تشبع نفس الحاجة اى انها حاجة خاصة .
لذلك يجب التمييز بين نوعين من الحاجات العامة او الاجتماعية وهى :
- حاجات غير قابلة للتجزئة
اى لا يمكن ان يحصل عليها فرد دون باقى افراد المجتمع مثل الامن والعدالة والدفاع وهى لا تشبع إلا من خلال سعى جماعى اى من خلال الدولة
- وحاجات قابلة للتجزئة
يمكن ان يحصل عليها بعض الافراد دون باقى افراد المجتمع مثل التعليم والصحة ونجد ان الدولة قررت ان تشبعها سواء بشكل كلى او جزئى
المالية العامة والنظرية الاقتصادية
كان الاعتقاد قديماً عند التقليدين أمثال آدم سميث وديفيد ريكاردوا وساى بان العرض هو الذى يخلق الطلب ( قانون ساي للاسواق ان كل عرض يخلق طلب ممثال له ) وان المجتمع يصل الى مستوى التشغيل الشامل للموارد اى يصل الى مستوى التوظف الكامل
عارف عزيزى الطالب لو اقتنعنا معنا بالاعتقاد السابق ماذا سيحدث
- سوف نؤمن بأن الاقتصاد يتوازن تلقائى لان كل عرض يخلق طلب مكافئ له بمعنى انه لو زاد العرض وحدث حالة كساد فى المجتمع فلا تقلق لان آلية السوق وجهاز الثمن سوف تصحح الوضع لان العرض الزائد سوف يؤدى الى انخفاض الاسعار وهو ما يشجع على مزيد من الطلب ليلائم العرض ونخرج من حالة الكساد وهكذا اذا حدث العكس وانخفض العرض وحدث تضخم فلا تقلق ايضا لان الاسعار سوف ترتفع مما يقلل من الطلب بحيث يتناسب مع العرض
- معنى ذلك الاقتصاد يتوازن توازن تلقائى باستخدام آلية الاسعار
- لا يوجد حاجة بالتأكيد لتدخل الدولة لانه لا يوجد ازمات تستدعى تدخل الدولة
- لا يوجد كساد او تضخم لان العرض يخلق الطلب فزيادة العرض تزيد الطلب وانخفاض العرض يخفض الطلب
الرسم التوضيحى السابق يوضح كيفية حدوث التوازن التلقائى فى الاسواق دون تدخل من الدولة
- النقطة N تعبر عن الوضع التوازنى الامثل عن سعر P وكمية Q
- حدث تغير فى الاسواق فانتقل منحنى العرض S من مكانه ناحية اليمين الى المنحنى S¬1 اى زاد العرض فادى ذلك الى انخفاض الاسعار من P الى مستوى اقل وهو P¬1 وهذا لانخفاض فى الاسعار اذا استمر سيقود الاقتصاد الى حالة كساد
- لكن النظرية الاقتصادية الجزئية تؤكد على ان هناك علاقة عكسية بين السعر والكمية المطلوبة مما يعنى ان انخفاض الاسعار سوف يؤدى الى زيادة الطلب فينتقل منحنى الطلب D من مكانه الى ناحية اليمينى ويظهر منحنى جديد 1D
وهنا نجد ان الاقتصاد يعود الى مستوى الاسعار القديم وهو P بعد ان يتقاطع منحنى الطلب الجديد مع منحنى العرض الجديد ويحدث زيادة فى كمية الانتاج فتزداد من Q الى Q1
ظل الاقتصاديين مؤمنين بتلك الافكار السابقة والتى قام عليها دعائم النظام الرأسمالى الى ان حدث الكساد العالمى العظيم بدأ من سنة 1929 واستمر الى عام 1933 اى استمر الكساد فترة تقارب 5 سنوات
فى البداية يتأكد لنا قبل شرح ماذا حدث لعلاج الكساد ان نؤكد على ان افكار التقليدين خطأ لانهم اعتقدوا ان الاقتصاد يتوازن تلقائى عند مستوى التوظف الكامل ولا يوجد كساد او تضخم
واوضح هذا الخطأ العالم جون كينز فى نظريته العامة
الرأى الكينزى الحديث
اكد كينز على ان الطلب هو الذى يخلق العرض عكس ما اعتقد التقليدين واكد على ان الطلب المقصود هو الطلب الفعال وهو عبارة عن
( الطلب الخاص الاستهلاكى + الطلب الخاص الاستثمارى ) + الطلب العام الحكومى
وهو غير الطلب المعروف عند التقليدين فالتقليدين يعرفوا الطلب على انه
الطلب الاستهلاكى + الطلب الاستثمارى
- ويرى كينز ان الطلب الاستثمارى الخاص الذى يتوقف على دافع الربح ومقارنة سعر الفائدة بالعائد من الاستثمار والذى ايضاً يكون منخفض فى حالات الكساد
- يرى كينز ان كل من الطلب الخاص الاستهلاكى الذى يعتمد على ما يسمى بالميل الحدى للاستهلاك والذى يتثم بالانخفاض خاصة فى حالات الكساد
- مما يجعل هذان النوعان من الطلب يشوبه النقص والقدرة على تحريك الطلب الكلى لذلك لابد من تدخل الدولة لتحريك الطلب الكلى من خلال المالية العامة والانفاق الحكومى .
اى انه يرى ان الحل للخروج من الكساد هو زيادة الطلب وبما ان الطلب الاستهلاكى والاستثمارى ضعيفان فى حالة الكساد فالحل هو زيادة الطلب العام الحكومى من خلال زيادة الانفاق فى المالية العامة كما سنرى لاحقا
تعريف المالية العامة
هناك العديد من تعريفات المالية العامة تختلف حسب التطور الفكرى واختلاف النظم الاقتصادية
تعريف التقليديبن
علم المالية العامة هو دراسة النفقات العامة والايرادات العامة التى تلزم لتغطية هذه النفقات
التعريف الحديث
هو العلم الذى يدرس القواعد المنظمة للنشاط المالى للهيئات العامة وهى بصدد الحصول على الموارد اللازمة وانفاقها من اجل اشباع الحاجات العامة تحقيقاً لاغراض الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
والفرق بين التعريفين
- انه فى الفكر التقليدى كان يجب التقيد بمبدأ تساوى النفقات العامة مع الايرادات العامة وضغط النفقات العامة الى اقصى حد وعدم اللجوء الى مصادر استثنائية فى الحصول على الايرادات مثل القروض او الاصدار النقدى الجديد لانه غير مطلوب تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى ويقتصر دورها على الانفاق على الامن والعدالة والدفاع وتوفير الموارد المالية اللزمة لتغطية هذه النفقات
- اما فى التعريف الحديث فالمالية العامة تهدف الى تنفيذ الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية اى انها تسعى لتنفيذ السياسة المالية لذلك لا نتقيد بان تتساوى الايرادات مع النفقات بالعكس فانه فى حالات الكساد تسعى الدولة لافتعال عجز اى زيادة النفقات عن الايرادات وتمول هذا العجز من خلال القروض والاصدار النقدى الجديد
التميز بين المالية العامة والمالية الخاصة
1- الفرق فى جانب النفقات العامة
- فى المالية العامة نجد ان الدولة تستهدف من نفقاتها العامة تحقيق الصالح العام حتى ولو لم يسفر نشاطها المالى عن تحقيق الربح
- فى المالية الخاصة يسعى الافراد او المنشات الخاصة بصفة اساسية لتحقيق المنفعة الشخصية المتمثلة فى شكل ارباح.
2- من حيث الايرادات العامة
- تتميز المالية العامة باعتمادها على ما للدولة من سلطة الاجبار فى فرض الضرائب و الرسوم
- يعتمد المشروع الخاص فى الحصول على ايراداته على التخصيص الاختيارى او التعاقد مع الغير
3- من حيث الموازنة العامة
- ومن جهة الموازنة بين النفقات والايرادات تبدا الدولة بتقرير اوجة الانفاق المختلفة ثم يتبع ذلك تدبير الايرادات اللازمة لتغطية هذة النفقات
- هذا بينما يبدأ الأفراد بتقدير ايراداتهم ثم يقدرون اوجه الانفاق على وجه لايؤدى لتجاوزها للايرادات بقدر الامكان .