تعريف جريمة إفشاء الموظف معلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية

الباحثة زينب وادي محيسن مشعان 

zm1982251@gmial.com

Definition of the crime of an employee disclosing information related to the financial disclosure form

Researcher Zainab Wadi Muheisen Mishaan

أن الوقوف على تعريف هذه الجريمة إفشاء يتطلب بيان الموقف التشريعي والقضائي ليتبين من خلالها المعنى المتكامل لهذه الجريمة, وهو ما سنبينه في الفرعين الآتيين. 

الفرع الأول

التعريف التشريعي

لم يضع المشرع العراقي والتشريعات المقارنة تعريف تشريعي إفشاء الموظف لمعلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية, ففي التشريع العراقي لم يعرفها المشرع في قانون الكسب غير المشروع رقم (15) لسنة 1958 ولائحته التنفيذية الصادرة عام 1958, وكذلك قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30) لسنة 2011 وتعديله بالقانون رقم (30) لسنة 2019, واللائحة التنظيمية لكشف المصالح المالية رقم (1) لسنة 2005 ( ), وكذلك الحكم في التشريعات المقارنة, إذ خلت من أي تعريف تشريعي لهذه الجريمة, وهو موقف حسن لها فليس من عمل المشرع وضع تعريف لجريمة ما وإنما الأولى به ترك ذلك للفقه والقضاء, وبما أن المشرع لم يعرف هذه الجريمة فلا بد من بيان ما تعنيه كل مفردة من مفرداتها من حيث الإصطلاح التشريعي. 

فبالنسبة للجريمة لم يعرفها المشرع العراقي والتشريعات المقارنة وهو مسلك محمود لها وكانت موفقة فيما ذهبت إليه ذلك أن المشرع لا يختص بوضع تعريف للجريمة, وإنما يتحدد دوره بتجريم الأفعال التي يجدها تضر بأمن المجتمع وتعرقل تحقيق مصالحه والعقاب عليها.

وعليه فإن المشرع العراقي والتشريعات المقارنة لم تعرف جريمة إفشاء الموظف لمعلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية, لكنها عرفت بعض المصطلحات ذات الصلة بها, كالمعلومات والموظف والمكلف والإستمارة, ففي التشريع العراقي عرف المشرع المعلومات في البند (ثالثاً) من قانون التوقيع الألكتروني والمعاملات الألكترونية رقم (78) لسنة 2012 ( ), والتي نصت على أن "المعلومات : البيانات والنصوص والصور والأشكال والأصوات والرموز وما شابه ذلك التي تنشأ أو تدمج أو تخزن أو تعالج أو ترسل أو تستلم بوسائل ألكترونية", كما عرف الموظف في المادة (2) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل بأنه "كل شخص عهدت إليه وظيفة دائمة داخله في الملاك الخاص بالموظفين", وعرفه في المادة (1) من قانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 المعدل بأنه "كل شخص عهدت إليه وظيفة داخل ملاك الوزارة أو الجهة غير المرتبطة بوزارة", وعرفه أيضاً في البند (سابعاً) من المادة (1) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 المعدل بأنه "كل شخص عهدت إليه وظيفة مدنية أو عسكرية أو ضمن قوى الأمن الداخلي أو مكلف بخدمة عامة والذي يتقاضى راتباً أو أجراً أو مكافأة من الدولة وتستقطع منه التوقيفات التقاعدية", أما قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 المعدل فقد عرف في المادة (1/ خامساً) منه الإستمارة بأنها "إستمارة إقرار الذمة المالية الصادرة عن الهيئة". 

أما المشرع الأردني فقد عرف بعض المفردات المتعلقة بالجريمة موضوع الدراسة في عدة قوانين, إذ عرف الموظف في المادة (2) من نظام الخدمة المدنية بأنه "الشخص المعين بقرار من المرجع المختص، في وظيفة مدرجة في جدول تشكيلات الوظائف الصادر بمقتضى قانون الموازنة العامة أو موازنة إحدى الدوائر والموظف المُعين بموجب عقد ولا يشمل الشخص الذي يتقاضى أجراً يومياً", كما عرف الإقرار في المادة (2) من قانون الكسب غير المشروع بأنه "إقرار الذمة المالية".

وبخصوص موقف المشرع البحريني فقد عرف الموظف في المادة (2) من قانون الخدمة المدنية بأنه "كل من يشغل وظيفة مدنية من وظائف الجهات الحكومية, أياً كانت طبيعة عمله أو مسمى وظيفته", كما عرف الذمة المالية في المادة (1/2) من قانون الكشف عن الذمة المالية والتي نصت على أن "يقصد بالذمة المالية في تطبيق أحكام هذا القانون, مجموع ما يملكه الملزم وأولاده القصر من العقارات في الداخل والخارج, وما يملكونه من أرصدة في البنوك وأنصبة وأسهم في الشركات. 

الفرع الثاني

التعريف الفقهي 

لم يعرف الفقه الجنائي جريمة إفشاء الموظف لمعلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية, وعليه لا بد من الوقوف على التعريف الفقهي للمصطلحات المكونة لها, وهي الجريمة وإفشاء أسرار الوظيفة, والمعلومات المتعلقة بإستمارة إقرار الذمة المالية. 

وبالنسبة لتعريف الجريمة عرفت فقهاً بأنها "كل سلوك خارجي إيجابياً كان أم سلبياً جرمه القانون وقرر له عقاباً إذا صدر عن إنسان مسؤول" ( ), وعرفها رأي آخر بأنها "عمل أو إمتناع يرتب القانون على إرتكابه عقوبة" ( ).

وبخصوص إفشاء أسرار الوظيفة فتعد جريمة إفشاء الموظف لمعلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية من صور إفشاء أسرار الوظيفة على إعتبار أن المعلومات المتعلقة بإستمارة إقرار الذمة المالية من الأسرار ويلزم الموظف الذي تمكنه وظيفته من الإطلاع عليها بعدم إفشائها. 

وقد عرف رأي في الفقه إفشاء أسرار الوظيفة بأنها كشف السر وإظهار المعلومات أو الوثائق السرية وإيصالها للغير بأية وسيلة ومن دون تصريح قانوني بعد حصول الموظف على هذه الأسرار بهذا الصفة التي يوجب القانون كتمانها عن الغير ( ), وعرفه آخر بأنه إطلاع الموظف للغير على السر من خلال قيامه بإفشائه بصورة تخالف القانون ( ), وعرفها آخر بأنها الإفضاء بوقائع لها صفة السرية من شخص مؤتمن عليها بحكم وظيفته ( ). 

اما المعلومات التي تتضمنها إستمارة إقرار الذمة المالية فقد عرفها رأي بأنها المعلومات التي يتضمنها النموذج الذي يملأ من قبل الخاضع لقانون الكسب غير المشروع والذي يبين فيه ما له من حقوق وما عليه من إلتزامات ( ), وعرفها رأي آخر بأنها ما يحتويه المحرر الذي يثبت فيه الخاضع عناصر ذمته المالية ( ). 

وعرفت بأنها البيانات المتعلقة بشخص المكلف أو أمواله التي يفصح عنها عند تقديم إقرار عن ذمته المالية وفقاً لأحكام قانون الكسب غير المشروع ( ), وعرفها رأي آخر تلك المعلومات المثبتة في المحرر الذي يبين فيه من يخضع لأحكام قانون الكسب غير المشروع عناصر ذمته المالية ( ).

وبعد أن بينا التعريف التشريعي والفقهي والقضائي للمصطلحات الأساسية المكونة لعنوان دراستنا يمكننا تعريف لجريمة إفشاء الموظف لمعلومات تتعلق بإستمارة إقرار الذمة المالية بأنها (نشاط إيجابي يرتكبه الموظف الذي تمكنه وظيفته من الإطلاع على المعلومات المتعلقة بإستمارة إقرار الذمة المالية فيبوح بها للغير أو يتيح الإطلاع عليها مخالفاً بذلك النظام القانوني للوظيفة العامة الذي يلزمه بالمحافظة على ما تتضمنه تلك الإستمارة من أسرار تتعلق بالحالة الشخصية أو الوضع المادي للمكلف بتقديم تقرير الكشف عن ذمته المالية للجهات المختصة). 


اخر منشور