اسباب الاهتمام العالمي لقارة اسيا
كنار سعيد سليمان
حظى قارة آسيا باهتمام عالمي متزايد حتى أنه أصبح من
الكلام المألوف القول إنها قارة المستقبل، وأن القرن الحادي والعشرين، هو قرن القارة الآسيوية
يمكن القول إن هناك عدة دلالات نوجزها في الآتي:
الدلالة الأولى: أن آسيا رغم عراقتها تاريخيا لم تستقر سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً ومن ثم أطلق عليها البعض، على سبيل السخرية، القارة اللعوب.
الدلالة الثانية: أن آسيا من أقل القارات تفاعلاً فيما بينها، بل إن مراكز الحضارة الآسيوية التقليدية أصبحت الآن تتطلع إلى خارج تلك القارة، سواء كان ذلك في اليابان وانتماءاتها نحو أمريكا وأوربا، أو في الهند وتحولها إلى شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية .
وكذلك الدور التقليدي لباكستان في السياسة الغربية، أوفي الصين وعلاقاتها المتنامية اقتصادياً مع أوروبا والولايات المتحدة، أوفي دول الخليج وروابطها مع الولايات المتحدة وأوربا وهكذا. فالتفاعل والاتصال بين غربي آسيا وشرقي آسيا قليل والعلاقات بين جنوبي ووسط آسيا، وبين شرقها وغربها يسود الصراع القائم أو الكامن، وهكذا تتطلع دول آسيا في مجملها إلى خارج القارة.
الدلالة الثالثة: متصلة بالثانية وهي أن القوى العالمية في الماضي، مثل بريطانيا وفرنسا، ثم روسيا، وفي الحاضر مثل الولايات المتحدة سعت للسيطرة على آسيا، وما تزال تسعى للتأثير عليها وتوجيهها، وهذا واضح في نظرية الأحلاف مثل حلف بغداد أو السنتو، حلف جنوب شرقي آسيا "السياتو"، فضلاً عن القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة من اليابان شرقاً إلى الخليج غرباً، إلى آسيا الوسطى شمالاً والمحيط الهندي جنوباً. ومن ناحية أخرى طرحت القوى المنافسة ثلاث نظريات: نظرية الأمن الآسيوي التي طرحها الاتحاد السوفيتي في عهد بريجنيف ثم أعاد إحياءها يلتسين في ظل الاتحاد الروسي، ونظرية عدم الانحياز التي طرحت في الخمسينات وظلت حتى الثمانينات من القرن الماضي ثم ضعفت، ونظريات إسلامية متنوعة مثل تجمع دول الثمانية النامية، وهي مبادرة تركية شملت 6 دول آسيوية (تركيا - إيران - باكستان - بنغلادش - ماليزيا - إندونيسيا)، فضلاً عن نظريات أكثر تنوعاً مثل تجمعات أخرى عديدة، ولكن السمة الغالبة على تلك الطروحات أنها ضعيفة وعليها تحفظات من العديد من الدول، حتى في المناطق الإقليمية المستهدفة بها.
الدلالة الرابعة: أن آسيا قامت على أساس ما يطلق عليه مبدأ التوازن، لعبته قوى أربع هي اليابان والصين والهند والاتحاد السوفيتي، كقوى آسيوية فلا تستطيع أي منها تهديد كل القارة الآسيوية، ولذلك فإن كل منها تمثل رادعاً للأخرى بصورة من الصور. هذا التوازن العسكري له دلالاته الاقتصادية والثقافية فكل منها قدمت تجربة تنموية خاصة سياسياً واقتصادياً وحضارياً. وهذا التوازن ساعد في حماية الدول المتوسطة مثل كوريا أو ماليزيا أو الفليبين أو إندونيسيا أو باكستان، فكل من هذه القوى اعتمدت على قوة أكبر سواء داخل آسيا أو من خارجها حيث كانت القوة الرئيسية الخارجية هي الولايات المتحدة التي تفرض التوازن والتفاعل في كل منطقة فرعية من مناطق آسيا سواء شرقي آسيا أو وسط آسيا، أو جنوبي آسيا، أو غربي آسيا.
الدلالة الخامسة: بالنظر لعدم الاتفاق على عدو مشترك للقارة الآسيوية لوجود مبدأ التوازن في القارة فإنه ترتب على ذلك عدة أمور منها: وجود استعداد لدى الدول الآسيوية لاستخدام السلاح في فض منازعاتها (روسيا والصين، الصين وفيتنام - الصين والهند - الهند وباكستان)، ومنها استمرار الإنفاق العسكري الآسيوي على التسلح في التصاعد ويقدر بأنه يفوق الإنفاق الأوروبي، ويصل إلى ثلثي الإنفاق الأمريكي، ومنها عدم وجود مبدأ أمني واحد فهناك أربعة مبادئ أساسية: الاستناد للولايات المتحدة - الاستناد لروسيا - عدم الانحياز - بناء القوة الذاتية تقليدياً أو نووياً.
الدلالة السادسة: أن آسيا من المحتمل أن تكون هي مركز السياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين للاعتبارات التالية:
- أنها مركز الثروة النفطية التي يتصارع عليها العالم.
- انها سوق ضخمة كامنة تسعى اليها الشركات الكبرى .
- أنها مستودع للمشكلة السكانية في العالم بكل سلبياتها وإيجابياتها.
- أنها تحتوي على إمكانيات تكنولوجية ضخمة واعدة وصاعدة.
- أنها تمثل قلب العالم القديم بل والعالم الحديث أيضاً.
من هنا برز شعاران أحدهما أن القرن الحادي والعشرين هو قرن آسيا، والثاني أن القرن الحادي والعشرين هو قرن آسيا – المحيط الهادي.
الدلالة السابعة: أنه في معظم الحالات فإن غربي آسيا يتم إسقاطه من الحسبان سواء من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي، أو من حيث احتمالات لعبه دور على الساحة الدولية سياسياً أو اقتصادياً، أو من حيث التقدم العلمي والتكنولوجي، والمكانة الوحيدة لهذا الإقليم هي مكانة هامشية من حيث الفعالية، إنه مجرد مخزن للنفط والغاز، ومورد لرأس المال النابع من البترودولار ،التي يتردد أن التاريخ تخطاها وأسقطها من الحسبان، لإخفاقها في تحقيق تنمية الاقتصادية حقيقية، وعجز نظمها عن تحقيق طموحات شعوبها في اجراء تحولات ديمقراطية تواكب متغيرات العصر، وإخفاق شعوبها عن بناء تجارب ناجحة على غرار تجارب القارات الأخرى، وإفرازها قيادات متصارعة محدودة الأفق، لا تدرك طبيعة المتغيرات الدولية، وأبعادها الاستراتيجية، بل لا تعرف قدر نفسها وإمكانياتها، ولذا تبددت ثرواتها، ويذهب البعض للقول إن بعض شعوب وقيادات غربي آسيا في معظمها تنتمي إلى عصر قبل بناء الدولة الحديثة، وما قبل الثورة الصناعية ، فالتنافس القبلي يقوم على حروب الماء والكلأ وعلى إثبات الذات الفردية بطريقة بدائية وساذجة، بدلاً من بناء أطر ومؤسسات متكاملة ذات مدلولات سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، ولهذا فاقتصادياتها هشة، وأمنها الذاتي لا وجود له، وبنيانها السياسي غير متماسك، وفي وضع كهذا لا مجال للحديث عن دور أو مكان أو مكانة لأن ذلك يكون من قبيل خداع الذات.
Reasons for global interest in the continent of Asia
Canar Saeed Suleiman
The continent of Asia is receiving increasing global attention to the point that it has become one of the.
It is common to say that it is the continent of the future, and that the twenty-first century is the century of the Asian continent.
It can be said that there are several meanings that we can summarize as follows:
The first indication: Asia, despite its ancient history, has not been stable politically, economically, or socially, and hence some have called it, ironically, the playful continent.
The second indication: Asia is one of the continents that has the least interaction with each other. Indeed, the centers of traditional Asian civilization are now looking outside that continent, whether that is in Japan and its affiliations with America and Europe, or in India and its transformation into a strategic partner for the United States of America.
As well as the traditional role of Pakistan in Western politics, or China and its growing economic relations with Europe and the United States, or the Gulf states and their ties with the United States and Europe, and so on. There is little interaction and communication between West Asia and East Asia, and relations between South and Central Asia, and between East and West, existing or latent conflict prevails, and thus the countries of Asia as a whole look outside the continent.
The third meaning: connected to the second, which is that global powers in the past, such as Britain, France, then Russia, and in the present, such as the United States, sought to control Asia, and are still seeking to influence and direct it, and this is clear in the theory of alliances such as the Baghdad Pact or the Sento, the Southeastern Alliance. Asia (SEATO), in addition to the American military bases spread from Japan in the east to the Gulf in the west, to Central Asia in the north and the Indian Ocean in the south. On the other hand, the competing powers proposed three theories: the Asian security theory that was proposed by the Soviet Union during the Brezhnev era and then revived by Yeltsin under the Russian Federation, the non-alignment theory that was proposed in the fifties and remained until the eighties of the last century and then weakened, and various Islamic theories such as the grouping of countries. The Developing Eight, which is a Turkish initiative that included 6 Asian countries (Turkey - Iran - Pakistan - Bangladesh - Malaysia - Indonesia), as well as more diverse theories like many other groupings, but the dominant feature of these proposals is that they are weak and have reservations from many countries, even In the targeted regional areas.
The fourth indication: Asia was established on the basis of what is called the principle of balance, played by four powers: Japan, China, India, and the Soviet Union. As Asian powers, none of them can threaten the entire Asian continent, and therefore each of them represents a deterrent to the other in some way. This military balance has economic and cultural implications, each of which provided a special development experience politically, economically and culturally. This balance helped protect medium-sized countries such as Korea, Malaysia, the Philippines, Indonesia, or Pakistan. Each of these powers relied on a greater power, whether inside or outside Asia, where the main external power was the United States, which imposed balance and interaction in each sub-region. Asia, whether East Asia, Central Asia, South Asia, or West Asia.
Fifth indication: Given the lack of agreement on a common enemy for the Asian continent due to the existence of the principle of balance on the continent, this resulted in several things, including: the presence of a willingness among Asian countries to use weapons in resolving their disputes (Russia and China, China and Vietnam - China and India - India and Pakistan), including the continuation of Asian military spending on armaments is on the rise and is estimated to exceed European spending and reach two-thirds of American spending, including the absence of a single security principle. There are four basic principles: reliance on the United States - reliance on Russia - non-alignment - building self-power, conventional or nuclear.
Sixth indication: Asia is likely to be the center of international politics in the twenty-first century due to the following considerations:
- It is the center of oil wealth that the world is fighting over.
- It is a huge potential market that major companies are seeking.
- It is a repository of the world's population problem with all its positives and negatives.
- It contains huge, promising and emerging technological capabilities.
- It represents the heart of the ancient world and even the modern world as well.
From here, two slogans emerged, one of which is that the twenty-first century is the century of Asia, and the second is that the twenty-first century is the century of Asia-Pacific.
The seventh indication: In most cases, Western Asia is dropped from consideration, whether in terms of political and economic stability, or in terms of its potential to play a role on the international scene politically or economically, or in terms of scientific and technological progress, and the only status of this region is a marginal position in terms of Effectiveness, it is merely a storehouse of oil and gas, and a supplier of capital stemming from the petrodollar, which history has reportedly overlooked and dropped from consideration, due to its failure to achieve real economic development, the inability of its systems to achieve the aspirations of its people to carry out democratic transformations that keep pace with the changes of the era, and the failure of its people to build experiences. Successful, similar to the experiences of other continents, and its production of conflicting, narrow-minded leaders who do not realize the nature of international changes and their strategic dimensions. Rather, they do not know their own worth and capabilities, and therefore their wealth has been squandered, and some say that some of the peoples and leaders of Western Asia, for the most part, belong to an era before the state was built. In modern times, and before the industrial revolution, tribal competition is based on water and pasture wars and on asserting the individual self in a primitive and naive way, instead of building integrated frameworks and institutions with political, economic, military and social implications. Therefore, its economies are fragile, its self-security is non-existent, and its political structure is incoherent. In a situation like this, there is no room to talk about a role, place, or position, because that would be a form of self-deception.