المعطيات البيئية وانعكاسها في الفن التشكيلي المعاصر

 

المعطيات البيئية وانعكاسها في الفن التشكيلي المعاصر  

بقلم : زينب سعد عزالدين

      إن مفهوم كلمة (المعاطيات) ويمكن تعريفها أنها وقائع ومبادئ التي تتخذ كنقطة للبداية في العلوم ، بل بكافة حقول المعرفة منها الفن ، ومن هذا المنطلق يمكن أن نتوصل إلى وجود معطيات قبلية أسست لمعطيات بيئية انعكست في الفن والعمارة ، حيث كانت معطيات أزمنة ما قبل الستينات قد انصب اهتمامها على الحاجات (الإنسان الفسيولوجية والبيولوجية) وتحقيقها والتي أصبحت في المعاصرة حاجات جمعية والتي تأثرت بالثورات الفكرية والاكتشافات وأزمنة الحروب وتبدلت بتبدل الذائقة الجمالية حيث تحولت من ذائقة فردية إلى الجمعية،  وبعد أن حقق الإنسان حاجاته انتقل إلى الوظيفة المرجوة لتحقيق تلك الحاجات والتي تعاظمت تبعاً لمتطلبات المجتمع المتطور واحياناً نجد هناك مضاعفة لوظائف الحاجات والتي بالتالي تؤثر على طبيعة حاجة الاستهلاك لدى المجتمع ، ومن هنا تبدأ المعادلة بالاستكمال فتحقيق كل من الحاجات والوظائف يتنج فرجة

الانسان                          الوظيفة                 الفرجة

حاجاته (الفسيولوجية والبيولوجية)                (المتعة، التأمل، الاسترخاء)  

وبعد أن وصل الانسان لمرحلة الاسترخاء والتأمل والمتعة بعد تحقيق حاجيته واشباع رغباته وبدأ بالتأمل وأخذ باستقراء محيطه، إذ وجد أنه بسبب كل ما عاشه من حروب تاركةً مخلفاتها و الثورات التطورات والاكتشافات المختلفة قد أثرت على البيئة بل شوهتها لم تعد البيئة منظر جمالي يدعو للتأمل لإحداث فعل المتعة فينا، وعلى هذا فوجدت في ستينات القرن الماضي توجهاتٍ إلى معطياتٍ أخرى إلا وهي المعطيات البيئية، فانصب مركز إهتمامها بالحفاظ على البيئة من التخريب واستنزاف الموارد والتلوث بل أصبح الفن والعمارة رسائل ومضامين تارتاً واضحة ظاهرة واحياناً مشفرة، فظهرت فنون كثيرة كانت من أهم أهدافها البيئة، وبهذا تحولت البيئة من مجرد منظر جمالي يبث فينا الاحساس بالراحة و المتعة إلى أن تكون البيئة عنصر مهم في أدوات الفنان فأصبحت هي خامته بدل القماش و الورق والبورد الخشبي وغيرها من الخامات، ولإسترجاع الجمال للبيئة بعد أن شوهتها كل الاحداث التي مرت على الإنسان فتوجه إلى تزين الأرض عبر رسومات ونقوشات والكتابة عليها بشكل مباشر وبمواد طبيعة مأخوذة من البيئة نفسها فظهر لنا في الفن التشكيلي ما يسمى بفن الأرض، فظهرت حوارات جديدة عامة حول استدامة الكوكب مما يجعل الفنان التشكيلي داخل التجربةتجعل من جهوده وإنجازاته الفنية تعزيزا لهذا الحوار، وتتمثل هذه الإنجازات في تنفيذه لتصاميم وأعمال فنية تخدم البيئة وتكون جزءً منها وكما نشاهده في الاعمال الأتية:

 ثم بعد ذلك بدأ يلاحظ بأن محيطه مليء بمخلفات الحرب و سكرابات السيارات ومخلفات أخرى من ( قطع بلاستيكية ، ورقية، معدنية، حديد) كل تلك المخلفات أصبحت مجاميع من الأكوام شوهت منظر البيئة ولوثتها فدعى ذلك إلى نقلها من حال إلى حال من كونها مجرد مخلفات مشوهة وملوثة للبيئة إلى حقل فن التشكيل بتجميعها وإعادة تركيبها وفق صيغ فنية لإنتاج نصوص فنية جمالية قد تصل لمرحلة العرض المتحفي، فيقوم الفنان بتحويل النفايات إلى قطع فنية لها قيمة جمالية ترقى بالذائقة البصرية للمتلقي، فتتنقل النفايات من اللا شيء إلى نتاج يحتفى به ، والمخلفات تحمل في داخلها أبسط المفردات تصل الى حتى أدواتنا المهلة من (ملاعق وشوك المعدنية وقناني الماء البلاستيكية وحتى الأكياس البلاستيكية الملونة) ورغم بساطتها أصبحت مادة مهمة يصنع الفنان أعمالاً جمالية يوصل من خلالها الكثير من الأفكار والخطابات وكما نشاهده في النماذج الاتية:


ولإستكمال تزين البيئة وجعلها أجمل استحدث الفنان ما يطلق عليهما فن الشارع  و الفن الكرافيتي فأخذ الفنان يضع نصوصه البصرية في كل مكان على الجدران الانفاق والابنية والمدارس والملاعب وفي الشوارع، وجاءت نصوصه الجمالية تلك برسائل مختلفة حيث فن الكرافيتي الذي يستخدم الكلمات إضافة للصور في ايصال خطابات قد تكون ثاوية ومهمشة من قبل المجتمع وقد تكون آنية في تسجيل لحظة الحدث.

 

 

وهكذا نجد أن انعكاس المعطيات البيئية في الفن التشكيلي المعاصر قد اثرت بشكل كبير على تغاير أدوات و اداءات الفنانين، بل حتى المواد التي استخدموها في اشتغالهم باتت متداخلة في مع حواراتهم الجديدة في خلق جمال بصري يزيد من متعة المشاهدة وليؤكد بتحقيق الوظائف نصل إلى الفرجة والمتعة. 

المصادر:

بلاسم محمد، الفن والعمارة، مكتب الفتح، بغداد،2015

محمد الكناني ، محاضرات القيت على طلبة الدكتوراه فنون تشكيلية 2022-2023.

حورية الظل، الفن البيئي رسالة للحفاظ على الكوكب، https://alarab.co.uk/

اخر منشور

منشورات شائعة