اركان جرائم الإقرار الضريبي


 

اركان جرائم الأقرار الضريبي

للباحث : محمد طالب

mmtt571571@gmail.com

اشراف الدكتور علي صادقي

لا يهتم القانون الجزائي بما يدور في ضمير الفرد من أفكار ولكنه يهتم بالمظهر الخارجي لهذه الأفكار، ومن هنا يتطلب الأمر ضرورة توافر ركن مادي لكل جريمة أياً كان نوعها أو طبيعتها، ففي العصور القديمة كان الركن المادي كافياً وحده في قيام الجريمة، ولكن ظهرت فيما بعد فكرة الاهتمام بشخص المتسبب في ذلك المظهر (مرتكب الجريمة) حتى إن القانون الروماني كان يشترط لتكوين الجريمة وجود القصد الجرمي لدى مرتكب الجريمة .

ومع التطور الحضاري ظهرت فكرة الخطأ بجوار القصد الجرمي، وبالتالي أصبحت الجريمة تتطلب فضلاً عن الركن المادي وجود ركن معنوي، فلا تتكون الجريمة من دون خطأ أو قصد؛ وأصبحت هذه القاعدة من البديهيات التي تستند إليها المسؤولية الجزائية وتتفق مع الغاية من التجريم والعقاب فيها، فإذا كانت المسؤولية المدنية تسعى إلى إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل ارتكاب الفعل، وبالتالي يكتفى فيها بالتعويض فإن ذلك غير كافٍ في المسؤولية الجزائية لأنها تستهدف حماية المجتمع بأسره، وبالتالي فإنه يجب أن يتوافر في الجريمة الضريبية الركن المادي والركن المعنوي.

ويتمثل الركن المادي في الجريمة الضريبية في الاعتداء على مصلحة ضريبية تشكل وضعاً يرى المشرع الإبقاء عليه وإنفاذه لأنه مفيد في أداء الدولة لوظيفتها في تحصيل مواردها والرقابة عليها، ويتمثل الركن المعنوي في سلوك مرتكب الجريمة لا بكونه فرداً معزولاً عن المجتمع بل بوصفه شخصية اجتماعية ضارة في علاقتها بنواحي النشاط المالي للدولة، ولهذا لا يتحمل المخالف عبء تصرفه الشخصي من الناحية الأخلاقية البحتة، وإنما عبء الحالة غير الملائمة التي انحدرت أخلاقه إليها بسبب المصلحة الضريبية في الوسط الاجتماعي الذي يمثل فيها نواتـه الأولى.

ولكن يلاحظ أن الركن المادي للجريمة في الجرائم العادية يتكون من ثلاثة عناصر هي الفعل الذي قد يتكون من فعل إيجابي أو سلبي، والنتيجة ورابطة السببية بين الفعل والنتيجة. أما في الجريمة الضريبية – نظراً لطبيعتها الخاصة – فإن الركن المادي فيها يظهر غالباً بمظهر الفعل من دون الحاجة إلى البحث عن النتيجة، وبالتالي إلى البحث عن رابطة السببية بينهما لأن أغلب الجرائم الضريبية من الجرائم غير ذات نتيجة، أي من الجرائم التي لا يتطلب قيامها تحقيق النتيجة. فالضرر في الجريمة الضريبية مفترض سواء نجم عن السلوك الجرمي أم لا.

أما بالنسبة إلى الركن المعنوي في الجريمة فيمكن القول يكتفى بالنسبة له أن تتوافر لدى المكلف إرادة آثمة في ارتكاب مخالفة إحدى قواعد فرض الضريبة، أي إرادة ارتكابه مخالفة هذه القاعدة عن طريق الخطأ أو الإهمال وعدم التبصر.

ومع ذلك فإن الجريمة الضريبية شأنها شأن أي جريمة جزائية تستلزم وجود ركن شرعي فيها، ويتمثل بوجود نص تشريعي يحرّم أو ينهى عن فعل يشكل مظهرها، وبالتالي فإن دور القاضي في هذا المجال يتمثل في مطابقة هذا الفعل مع هذا النص أو ذاك، ومع ذلك فإن البعض لا يعد ذلك ركناً بل مجرد وضع قانوني يحميه القانون وتقع الجريمة بالاعتداء عليه.

وكما أن بعض الجرائم تستلزم أركاناً خاصة لتكوينها ككون الفاعل في جريمة الرشوة موظفاً عاماً فإن الجريمة الضريبية فضلاً عن توافر أركانها يجب أن تتوافر في فاعلها صفة المكلف.

اخر منشور

منشورات شائعة