الآثار المباشرة للانفاق العام

أولاً : الآثار المباشرة على الإنتاج القومي 

 من الطبيعى ان قيام الدولة بالانفاق على اقامة المشروعات الانتاجية يؤدى الى توليد دخول مباشرة للدولة من عوائد تلك المشروعات مما يترتب عليه زيادة فى الناتج القومى الاجمالى ، إلا ان تلك الزيادة فى الناتج القومى تتوقف على كفاءة الانفاق العام ، ونرى ان النفقات العامة تولد تأثيرها على الناتج القومى من ناحيتين هما :- 

- الموارد الاقتصادية والقوى العاملة ورأس المال ( جانب العرض ) ويؤثر الانفاق العام على هذه العوامل فى الاجل الطويل فيرفع من انتاجيتها ، فالانفاق على التعليم والصحة يرفع من كفاءة القوى العاملة ، والانفاق على البنية الاساسية يؤدى الى زيادة كفاءة رأس المال 

- الطلب الكلى الفعال وهنا نجد ان النفقات العامة تؤثر على حجم الطلب الكلى للمجتمع وان كانت تختلف النفقة العامة باختلاف نوعها فنجد ان 

o النفقات العامة الحقيقية تؤدة الى زيادة الانفاق العام نتيجة زيادة دخول الافراد مباشرة 

o النفقات العامة التحويلية يختلف تأثيرها باختلاف استخدام المستفيدين منها ، فنجد انها قد توجه الى الانفاق الداخلى مما يؤدى الى زيادة الناتج القومى ، وقد تتسرب من الاقتصاد سواء للخارج او فى صورة اكتناز مما يجعلها لا تؤثر على الناتج القومى . 

وسوف نتناول الآن تأثير كل نوع من انواع النفقات العامة على الناتج القومى كما يلى 

1- النفقات الاجتماعية 

هى المبالغ التى تنفق على شراء سلع وخدمات تستخدم لتحقيق اهداف اجتماعية متعلقة ببناء الانسان 

- كالانفاق على التعليم والصحة والتدريب وهى نفقات اجتماعية حقيقية تعمل بشكل مباشر على زيادة الناتج القومى ورفع مستوى الطلب الفعال 

- الانفاق على التأمينات الاجتماعية واعانات البطالة ، وهى نفقات اجتماعية تحويلية وهى تؤدى الى زيادة الطلب الكلى من خلال زيادة دخول الافراد مما يؤدى الى زيادة الناتج القوى بطريق غير مباشر ، إلا ان أثر تلك النفقات قد يؤدى بطريقة عكسية الى انخفاض الناتج القومى فنجد ان الاعانات والتأمينات هى عبارة عن اقتطاع ضريبى من دخول الاغنياء يؤدى الى انخفاض ادخارهم وم ثم انخفاض الاستثمار ومن ثم انخفاض الناتج القومى .

اى انه هناك خلاف على اثر النفقات الاجتماعية التحويلية حول تأثيرها على الناتج القومى .

2- الاعانات الاقتصادية 

هذه النفقات الانتاجية هى عبارة عن اعانات اقتصادية تقدمها الدولة للمشروعات الانتاجية لاغراض مختلفة فاما ان يكون الغرض منها 

- دعم تلك الصناعات لمقاومة ارتفاع اسعار بعض السلع كدعم المخابز لمنع ارتفاع سعر الخبز 

- دعم بعض المشروعات التى توفر خدمة عامة فى حالة معاناتها من عجز طارئ يهدد استمرارها 

- دعم المشروعات الانتاجية العامة التى لا تهدف الى الربح حتى تقدم اللسلع بسعر اقل من التكلفة كما يحدث فى مشروعات الكهرباء والسكك الحديدية والبريد وغيرها 

وهنا نجد انه عند تقديم الدعم لتلك الصناعات فأن ذلك يؤدى الى زيادة الانتاج وكذلك انخفاض الاسعار ويتضح ذلك من التحليل التالى 










اذا افترضنا اننا نعمل فى سوق منافسة غير كاملة سوف نجد ان نقطة التوازن عند تساوى أ ح1 ( الايراد الحدى ) مع  ت ح ( التكلفة الحدية ) عند كمية توازن  و ك1  وسعر توازن  ث1  وعند منح الدولة لدعم لتلك الصناعة سنجد ان منحنى الايراد الحدى سوف ينتقل الى اعلى اليمين من أ ح1  الى أ ح2 ¬ مما يؤدى الى زيادة كمية التوازن  الى و ك2  وانخفاض سعر التوازن الى  ث2  ، اى ان النفقات العامة الانتاجية تؤدى الى زيادة الناتج القومى   وتخفيض الاسعار

3- النفقات العسكرية 

- قد يرى البعض ان تلك النفقات العسكرية تؤثر بالسلب على الناتج القومى فهى عبارة عن اقتطاع جزء من الانتاج موجه الى الانتاج المدنى وتحويله الى الانتاج الحربى ، مما يؤدى الى انخفاض السلع وارتفاع اسعارها والاعتماد على الاستيراد ، وكلها آثار سلبية 

- لكن الحقيقة ان هناك آثار ايجابية للنفقات العسكرية على الناتج القومى ، فهى ترفع من مستوى التشغيل فى القطاعات المختلفة لمواجه احتياجات القوات المسلحة من غذاء ومأوى وكساء ، كما انها تساعد على نمو التقدم العلمى والتكنولوجى  وتطوير اساليب الانتاج 

ثانياً : الآثار المباشرة على الاستهلاك القومى 

بالطبع سوف تؤدى زيادة النفقات العامة الى زيادة الطلب الكلى ومن ثم زيادة حجم الاستهلاك ، إلا ان هذا التأثير على الاستهلاك يختلف باختلاف نوع النفقات والغرض منها فنجد مثلاً :-

1- شراء الدولة لخدمات استهلاكية مثل التعليم والصحة والدفاع والامن يؤدى مباشرة الى زيادة الاستهلاك .

2- توزيع الدولة لدخول يخصص جزء منها للاستهلاك مثل الاجور والمرتبات يؤدى الى زيادة الاستهلاك 

3- شراء الدولة لسلع تقدمها لبعض افراد المجتمع مثل الملابس والغذاء والمواد الطبية واقتطاع قيمة هذه السلع من اجورهم ، لا تؤثر على حجم الاستهلاك لان الدولة اشترت بالنيابة عن الافراد .

ثالثأ : اثر النفقات العامة على توزيع الدخل القومى 

تؤثر النفقات العامة على توزيع الدخل من خلال مرحلتين هما 

المرحلة الاولى : التوزيع الاول للدخل 

وهنا تقوم الدولة بتوزيع الدخل على عوامل الانتاج التى تعمل لدى الدولة مثل الاجور والمرتبات التى تدفعها الدولة للعاملين بها وبالقطاع العام ، ونتيجة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية يحدث خلل فى هذا التوزيع الاول للدخل فيزداد دخول افراد وينخفض دخول افراد مما يتطلب عمل الدولة على اعادة توزيع الدخل مرة اخرى .


المرحلة الثانية : دور الدولة فى اعادة توزيع الدخل القومى 

وتعمل الدولة هنا على اعادة توزيع الدخل باستخدام النفقات العامة والتى يختلف تأثيرها باختلاف نوع النفقة :- 

- النفقات التحويلية بصفة عامة تؤدى الى اعادة توزيع الدخل القومى وان كانت تختلف باختلاف نوعها 

o النفقات التحويلية الاجتماعية تؤدى الى اعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة 

o النفقات التحويلية الاقتصادية تعمل على اعادة توزيع الدخل بشكل عينى فى صورة سلع وخدمات وتتم اعادة توزيع الدخل افقياً 

o النفقات التحويلية المالية مثل فوائد الديون تعمل على اعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الغنية التى تقرض الدولة وتحصل على الفوائد ، المقتتطعة اصلاً من الضرائب التى يدفعها الفقراء.

- النفقات الحقيقية كما قلنا هى توثر على توزيع الاول للدخل ولا تعمل على اعادة توزيع الدخل ، إلا اذا كانت اجور الموظفين مثلاً اكبر من القيمة الحقيقية لمجهودهم  وهنا تكون الزيادة فى الاجر عبارة عن نفقة تحويلية لذلك نجد انها تؤثر على اعادة توزيع الدخل القومى . 





الآثار الغير مباشرة للنفقات العامة 

دعونا الآن نتعرف على الآثار الغير مباشرة للانفاق القومى وهى تعنى انه عند زيادة الانفاق القومى سوف يزداد الدخل القومى كما اوضحنا فى الآثار المباشرة ، الى ان الامر لا يتوقف عند هذا الحد بل ان الزيادة فى الانفاق القومى تولد زيادات متتابعة فى الدخل القومى من خلال ما يسمى بمضاعف الاستثمار ومعجل الاستثمار  وهذا ما يقصد بالآثار الغير مباشرة للانفاق القومى 

اشتقاق مضاعف الاستثمار 

المعادلة الاساسية فى اشتقاق المضاعف هى ان التغير فى الدخل = التغير فى الاستثمار × المضاعف ∆ ل   =  ∆ ث   ×   م  

   ∆ ل 

م  = ــــــــ

   ∆ ث 

حيث    م    مضاعف الاستثمار 

∆  ل          التغير فى الدخل القومى 

∆ ث التغير فى الاستثمار 

وحيث ان التغير فى الدخل  = التغير فى الاستثمار + التغير فى الاستهلاك ( ∆ ك )  

∆ ل   =  ∆  ث   +  ∆  ك  

∆ ث   =  ∆  ل   -  ∆  ك 

وبالتعويض فى معادلة المضاعف نجد ان

          ∆ ل 

م  = ــــــــــــ

   ∆ ل   - ∆ ك 



وبقسمة كل من البسط والمقام على نفس القيمة وهى ∆ ل  نجد ان 

              1

م  = ـــــــــــــــــ

       1   - (  ∆ ل  ÷ ∆ ك )

حيث ان       

(  ∆ ل  ÷ ∆ ك ) يعبر عن الميل الحدى للاستهلاك 

وبما ان الميل الحدى للاستهلاك  + الميل الحدى للادخار   = 1 

الميل الحدى للادخار   = 1 – الميل الحدى للاستهلاك 

   1 

م  = ــــــــــــــ

   الميل الحدى للادخار  

ومن التحليل السابق نجد أن اى زيادة فى الاستثمار ناشئة عن الزيادة فى الإنفاق العام تولد زيادة فى الدخل القومى بقيمة المضاعف ، ويتوقف المضاعف على الميل الحدي للاستهلاك فكلما زاد الميل الحدي للاستهلاك زاد قيمة المضاعف . 

معنى التحليل السابق ان اثر النفقات العامة الغير مباشر يختلف حسب اختلاف النفقات العامة كا نرى :-

- الاجور والمرتبات والاعانات توجه الى ذوى الدخول المنخفضة صاحبة الميل الحدى للاستهلاك المرتفع لذلك يكون تأثيرها الغير مباشر كبير .

- نفقات شراء المواد الاولية والمعدات والتى توجه الى ذوى الدخول المرتفعة صاحبة الميل الحدى للاستهلاك المنخفض لذلك يكون تأثيرها الغير مباشر ضعيف .




انتقادات موجه الى كينز صاحب نظرية فكرة المضاعف 

1- افترض كينز ان الدخول توجه الى الاستهلاك والادخار فقط واهمل ما يوجه من الدخل الى الاكتناز او الاستيراد من الخارج ، وهذا بالطبع يؤثر على قيمة مضاعف الاستثمار 

2- افترض ان الزيادة فى الدخل تؤثر على الزيادة فى الاستهلاك فوراً وفى نفس اللحظة وهذا غير واقعى اذ يحتاج التغيير الى وقت ، وهنا نجد انه مع مرور الوقت يتغير الميل الحدى للاستهلاك فيتغير المضاعف .

3- افترض مرونة الجهاز الانتاجى واستجابته للتغير فى الاستهلاك ، وهذا الامر ان كان صحيح فى الدول المتقدمة فانه غير صحيح فى الدول المتخلفة .

ويختلف أثر النفقات العامة الغير مباشرة باختلاف نوع النفقات العامة فنجد أن :- 

1

النفقات الحقيقية يكون مضاعف النفقات العامة  = ــــــــــ

1  -  س ( الميل الحدى للاستهلاك )

فاذا افترضنا ان الميل الحدى للاستهلاك ( س ) = 0.9  يكون المضاعف  =  10

   س

النفقات التحويلية يكون مضاعف النفقات العامة  = ــــــــــ

1  -  س ( الميل الحدى للاستهلاك )

فاذا افترضنا ان الميل الحدى للاستهلاك ( س ) = 0.9  يكون المضاعف  =  9

اى ان أثر النفقات الحقيقية الغير مباشر يكون اقوى من اثر النفقات التحويلية الغير مباشر .

أثر المعجل 

- من التحليل السابق لكينز نجد انه اوضح تأثير الانفاق العام الاستثمارى على الاقتصاد من خلال جانب الطلب فأكد ان الزيادة فى الاستثمار الحكومى سوف تزيد من الدخل القومى فيزداد الطلب ويزداد الاستهلاك ويزداد مستوى التشغيل .

- أما الجانب الآخر الذى لم يوضحه كينز هو جانب العرض حيث ان زيادة فى الاستثمار سوف تولد زيادة فى الدخل وسوف تؤدى الزيادة فى الدخل الى زيادة الاستثمار والطاقة الانتاجية مرة اخرى من خلال فكرة جديدة وهى فكرة المعجل .

قانون المعجل

∆ ث 

ع   =  ـــــــــ

∆ ل 

وهنا نجد ان فكرة المعجل والمضاعف تتكامل معاً لتوضح كيفية حدوث الزيادات المتتالية فى الدخل نتيجة زيادة الاستثمار والانفاق الحكومى . 

لذلك فان أثر المعجل والمضاعف يظهر معاً من خلال فكرة المكرر المزدوج وهو يساوى 

1

ـــــــــــــــــــــــــــــ

  1-  ( الميل الحدى للاستهلاك + الميل للاستثمار   ) 

ولحساب فكرة المكرر المزدوج دعنا نرى المثال التالى 

اذا افترضنا زيادة حجم الاستثمار الاولى بمقدار 100 جنية وان الميل الحدى للاستهلاك يعادل 75% وان الميل الحدى للاستثمار يعادل 20% . 

  1

 وهنا نجد ان المضاعف المزدوج =  ـــــــــــــــ    =  ــــــ  = 20

  1-  ( 0.75  +  0.2 )        1- 0.95

الزيادة فى الدخل  =  الزيادة فى الاستثمار  ×  المضاعف المزدوج   

   = 100   ×  20   =  2000


وفى الجدول التالى نوضح كيفية حدوث الزيادة فى الدخل القومى


دورات الانفاق الانفاق الاستهلاكى الانفاق الاستثمارى ( مستقل وتابع ) الزيادة فى الدخل فى كل دورة الزيادة المجمعة فى الدخل

1 __ 100 100 100

2 75 ( 100×0.75 ) 20 ( 100 × 0.2) 95  ( 75 + 20) 195( 100+ 95)

3 71.25( 95 ×0.75) 19 ( 95  × 0.2) 90.25( 71.25+ 19) 285.25( 195+ 90.25)

4 67.69( 90.25× 0.75) 18.05(90.25×0.2) 85.74( 67.69+ 18.05 370.99






1500 500 2000












اخر منشور